وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقولهم ( ما جئتنا ببينة ) بهتان لأنه أتاهم بمعجزات لقوله تعالى ( وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم ) وإن كان القرآن لم يذكر آية معينة لهود عليه السلام . ولعل آيته أنه وعدهم عند بعثته بوفرة الأرزاق والأولاد واطراد الخصب وفرة مطردة لا تنالهم في خلالها نكبة ولا مصيبة بحيث كانت خارقة لعادة النعمة في الأمم كما يشير إليه قوله تعالى ( وقالوا من أشد منا قوة ) .
وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر " الحديث .
وإنما أرادوا أن البينات التي جاءهم بها هود عليه السلام لم تكن طبقا لمقترحاتهم . وجعلوا ذلك علة لتصميمهم على عبادة آلهتهم فقالوا ( وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ) . ولم يجعلوا ( وما نحن بتاركي ) مفرعا على قولهم ( ما جئتنا ببينة ) .
و ( عن ) في ( عن قولك ) للمجاوزة أي لا نتركها تركا صادرا عن قولك كقوله ( وما فعلته عن أمري ) . والمعنى على أن يكون كلامه علة لتركهم آلهتهم .
وجملة ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) استئناف بياني لأن قولهم ( وما نحن لك بمؤمنين ) من شأنه أن يثير للسامع ومن معه في أنفسهم أن يقولوا إن لم تؤمنوا بما جاء به أنه من عند الله فماذا تعدون دعوته فيكم أي نقول إنك ممسوس من بعض آلهتنا وجعلوا ذلك من فعل بعض الآلهة تهديدا للناس بأنه لو تصدى له جميع الآلهة لدكوه دكا .
والاعتراء : النزول والإصابة . والباء للملابسة أي أصابك بسوء . ولا شك أنهم يعنون أن آلهتهم أصابته بمس من قبل أن يقوم بدعوة رفض عبادتها لسبب آخر وهو كلام غير جار على انتظام الحجة لأنه كلام ملفق من نوع ما يصدر عن السفسطائيين فجعلوه مجنونا وجعلوا سبب جنونه مسا من آلهتهم ولم يتفطنوا إلى دخل كلامهم وهو أن الآلهة كيف تكون سببا في إثارة ثائر عليها .
والقول مستعمل في المقول اللساني وهو يقتضي اعتقادهم ما يقولونه .
( قال إني أشهد واشهدوا أني بريء مما تشركون [ 54 ] من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون [ 55 ] إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو أخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم [ 56 ] ) لما جاءوا في كلامهم برفض ما دعاهم إليه وبجحد آياته وبتصميمهم على ملازمة عبادة أصنامهم وبالتنويه بتصرف آلهتهم أجابهم هود عليه السلام بأنه يشهد الله عليهم أنه أبلغهم وأنهم كابروا وجحدوا آياته .
وجملة ( أشهد الله ) إنشاء لإشهاد الله بصيغة الإخبار لأن كل إنشاء لا يظهر أثره في الخلق من شأنه أن يقع بصيغة الخبر لما في الخبر من قصد إعلام السامع بما يضمره المتكلم ولذلك كان معنى صيغ العقود إنشاء بلفظ الخبر . ثم حملهم شهادة له بأنه بريء من شركائهم مبادرة بإنكار المنكر وإن كان ذلك قد أتوا به استطرادا فلذلك كان تعرضه لإبطاله كالاعتراض بين جملة ( إني أشهد الله ) وجملة ( فإن تولوا ) بناء على أن جملة ( فإن تولوا ) إلى آخرها من كلام هود عليه السلام وسيأتي . ومعنى إشهاده فيراد من شركائهم تحقيق ذلك وأنه لا يتردد على أمر جازم قد أوجبه المشهود عليه على نفسه . وأتى في إشهادهم بصيغة الأمر لأنه أراد مزاجة إنشاء الإشهاد دون رائحة معنى الإخبار .
و ( ما ) في قوله ( مما تشركون ) موصولة . والعائد محذوف . والتقدير : مما يشركونه .
وما صدق الموصول الأصنام كما دل عليه ضمير الجمع المؤكد في قوله ( فكيدوني جميعا ) . ولما كانت البراءة من الشركاء تقتضي اعتقاد عجزها عن إلحاق إضرار به فرع على البراءة جملة ( فكيدوني جميعا ) . وجعل الخطاب لقومه لئلا يكون خطابه لما لا يعقل ولا يسمع فأمر قومه بأن يكيدوه . وأدخل في ضمير الكائدين أصنامهم مجاراة لاعتقادهم واستقصاء لتعجيزهم أي أنتم وأصنامكم كما دل عليه التفريع على البراءة من أصنامهم .
والأمر ب ( كيدوني ) مستعمل في الإباحة كناية عن التعجيز بالنسبة للأصنام وبالنسبة لقومه كقوله تعالى ( فإن كان لكم كيد فكيدون ) . وهذا إبطال لقولهم ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) .
A E