وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومما يثبت هذه الدلالة أخبار كثيرة رويت عن النبي A وعن جمع من أصحابه متفاوتة في القوة غير خال واحد منها عن متكلم غير أن كثرتها يؤيد بعضها بعضا وأوضحها ما روى مالك في الموطأ في ترجمة " النهي عن القول بالقدر " بسنده إلى عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله A يسأل عن هذه الآية ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم ) فقال أن الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه حتى استخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون وساق الحديث بما لا حاجة إليه في غرضنا ومحمل هذا الحديث على أنه تصريح بمدلول الفحوى المذكور وليس تفسيرا لمنطوق الآية وبه صارت الآية دالة على أمرين أحدهما صريح وهو ما أفاده لفظها وثانيهما مفهوم وهو فحوى الخطاب . وجاء في الآية أن الله أخذ على الذريات العهد بالإقرار بربوبية الله ولم يتعرض لذلك في الحديث وذكر فيه أنه ميز بين أهل الجنة وأهل النار منهم ولعل الحديث اقتصار على بيان ما سأل عنه السائل فيكون تفسيرا للآية تفسير تكميل لما لم يذكر فيها أو كان في الحديث اقتصار من أحد رواته على بعض ما سمعه .
والأخذ مجاز في الإخراج والانتزاع قال الله تعالى ( قل أرأيتم أن أخذ الله سمعكم وأبصاركم ) الآية .
وقوله ( من ظهورهم ) بدل ( من بني آدم ) أبدل بعض من كل وقد أعيد حرف الجر مع البدل للتأكيد كما تقدم في قوله تعالى ( ومن النخل من طلعها قنوان دانية ) في سورة الأنعام .
والإشهاد على الأنفس يطلق على ما يساوي الإقرار أو الحمل عليه وهو هنا الحمل على الإقرار واستعير لحالة مغيبة تتضمن هذا الإقرار يعلمها الله لاستقرار معنى هذا الاعتراف في فطرتهم . والضمير في أشدهم عائد على الذرية باعتبار معناه لأنه اسم يدل على جمع .
والقول في ( قالوا بلى ) مستعار أيضا لدلالة حالهم على الاعتراف بالربوبية لله تعالى .
وجملة ( ألست بربكم ) مقول لقول محذوف هو بيان لجملة أشهدهم على أنفسهم أي قررهم بهذا القول وهو من أمر التكوين . والمعنى واحد لأن الذرية لما أضيف إلى ضمير بني آدم كان على معنى التوزيع .
والاستفهام في ( ألست بربكم ) تقريري ومثله يقال في تقرير من يظن به الإنكار أو ينزل منزلة ذلك فلذلك يقرر على النفي استدراجا له حتى إذا كان عاقدا قلبه على النفي ظن أن المقرر يطلبه منه فاقدم على الجواب بالنفي فأما إذا لم يكن عاقدا قلبه عليه فانه يجيب بإبطال النفي فيتحقق انه بريء من نفي ذلك وعليه قوله تعالى ( ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق ) تنزيلا لهم منزلة من يظنه ليس بحق لأنهم كانوا ينكرونه في الدنيا وقد تقدم عند قوله تعالى ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ) في سورة الأنعام .
والكلام تمثيل حال من أحوال الغيب من تسلط أمر التكوين الإلهي على ذوات الكائنات وأعراضها عند إرادة تكوينها لا تبلغ النفوس إلى تصورها بالكنه لأنها وراء المعتاد المألوف فيراد تقريبها بهذا التمثيل وحاصل المعنى : أن الله خلق في الإنسان من وقت تكوينه إدراك أدلة الوحدانية وجعل في فطرة حركة تفكير الإنسان التطلع إلى إدراك ذلك وتحصيل إدراكه إذا جرد نفسه من العوارض التي تدخل على فطرته فتفسدها .
وجملة ( قالوا بلى ) جواب عن الاستفهام التقريري وفصلت لأنها جاءت على طريقة المحاورة كما تقدم في قوله تعالى ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ) في سورة البقرة .
وأطلق القول أما حقيقة فذلك قول خارق للعادة وأما مجازا على دلالة حالهم على أنهم مربوبون لله تعالى كما أطلق القول على مثله في قوله تعالى ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) أي ظهرت فيهما آثار أمر التكوين . وقال أبو النجم : .
قالت له الطير تقدم راشدا ... إنك لا ترجع إلا حامدا فهو من المجاز الذي كثر في كلام العرب .
A E