وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ثم إن إلقاءه إياها إنما كان إظهارا للغضب أو أثرا من آثار فوران الغضب لما شاهدهم على تلك الحالة وما ذكر القرآن ذلك الإلقاء إلا للدلالة على هذا المعنى إذ ليس فيه من فوائد العبرة في القصة إلا ذلك فلا يستقيم قول من فسرها بأن الإلقاء لأجل إشغال يده بجر رأس أخيه لن ذكر ذلك لا جرور فيه ولانه لو كان كذلك لعطف واخذ براس أخيه بالفاء وروي أن موسى عليه السلام كان في خلقه ضيق وكان شديدا عند الغضب ولذلك وكز القبطي فقضى عليه ولذلك أخذ برأس أخيه يجره إليه فهو دليل على فظاعة الفعل الذي شاهده من قومه وذلك علامة على الفظاعة وتشنيع عليهم وليس تأديبا لهم لأنه لا يكون تأديبهم بإلقاء ألواح كتب فيها ما يصلحهم لأن ذلك لا يناسب تصرف النبوءة " ولذلك جزمنا بأن إعراض رسول الله A عن كتابة الكتاب الذي هم بكتابته قبيل وفاته لم يكن تأديبا للقوم على اختلافهم عنده كما هو ظاهر قول ابن عباس بل إنما كان ذلك لما رأى من اختلافهم في ذلك فرأى أن الأولى ترك كتابته إذ لم يكن الدين محتاجا إليه ووقع في التوراة أن الألواح تكسرت حين ألقاها وليس في القرآن ما يدل على ذلك سوى أن التعبير بالإلقاء الذي هو الرمي وما روى من أن الألواح كانت من حجر يقتضي أنها اعتراها انكسار ولكن ذلك الانكسار لا يذهب ما احتوت عليه من الكتابة . وأما ما روي أنها لما تكسرت ذهب ستة اسباعها أو ذهب تفصيلها وبقيت موعظتها فهو من وضع القصاصين والله تعالى يقول ( ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ) .
وأما أخذه برأس أخيه هارون يجره إليه أي إمساكه بشعر رأسه وذلك يولمه فذلك تأنيب لهارون على عدم أخذه بالشدة على عبدة العجل واقتصاره على تغيير ذلك عليهم بالقول وذلك دليل على أنه غير معذور في اجتهاده الذي أفصح عنه بقوله ( إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) لأن ضعف مستنده جعله بحيث يستحق التأديب ولم يكن له عذرا وكان موسى هو الرسول لبني إسرائيل وما هارون إلا من جملة قومه بهذا الاعتبار وإنما كان هارون رسولا مع موسى لفرعون خاصة ولذلك لم يسع هارون إلا الاعتذار والاستصفاح منه .
وفي هذا دليل على أن الخطأ في الاجتهاد مع وضوح الأدلة غير معذور فيه صاحبه في إجراء الأحكام عليه وهو ما يسميه الفقهاء بالتأويل البعيد ولا يظن بأن موسى عاقب هارون قبل تحقق التقصير .
وفصلت جملة ( قال ابن أم ) لوقوعها جوابا لحوار مقدر دل عليه قوله ( وأخذ برأس أخيه يجره إليه ) لأن الشأن ان ذلك لا يقع إلا مع كلام توبيخ وهو ما حكي في سورة طه بقوله ( قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ان لا تتبعني أفعصيت أمري ) على عادة القرآن في توزيع القصة واقتصارا على موقع العبرة ليخالف أسلوب قصصه الذي قصد منه الموعظة أساليب القصاصين الذين يقصدون الخبر بكل ما حدث .
و ( ابن أم ) منادى بحذف حرف النداء والنداء بهذا الوصف للترقيق والاستشفاع وحذف حرف النداء لإظهار ما صاحب هارون من الرعب والاضطراب أو لأن كلامه هذا وقع بعد كلام سبقه فيه حرف النداء وهو المحكي في سورة طه ( قال يابن أم لا تأخذ بلحيتي ) ثم قال بعد ذلك ( ابن أم إن القوم استضعفوني ) فهما كلامان متعاقبان .
ويظهر أن المحكي هنا هو القول الثاني وان ما في سورة طه هو الذي ابتدأ به هارون لأنه كان جوابا عن قول موسى ( ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعني ) .
واختيار التعريف بالإضافة : لتضمن المضاف إليه معنى التذكير بصلة الرحم لأن إخوة الأم أشد أواصر القرابة لاشتراك الأخوين في الإلف من وقت الصبا والرضاع .
وفتح الميم في ( ابن أم ) قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وحفص عن عاصم وهي لغة مشهورة في المنادى المضاف إلى أم أو عم وذلك بحذف ياء المتكلم وتعويض ألف عنها في آخر المنادى ثم يحذف ذلك الألف تخفيفا ويجوز بقاء كسرة الميم على الأصل وهي لغة مشهورة أيضا وبها قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف .
وتقدم الكلام على الأم عند قوله تعالى ( حرمت عليكم أمهاتكم ) في سورة النساء .
A E