وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أن جواب ( لما ) هو قوله وانتحى وجوزوه في قوله تعالى ( فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم ) الآية أن يكون ( وناديناه ) هو جواب ( لما ) فيصير التقدير : لما جاء موسى لميقاتنا كلمه ربه فيكون إيجازا بحذف جملة واحدة ولا يستفاد من معنى إنشاء التكليم الطمع في الرؤية إلا من لازم المواعدة .
واللام في قوله ( لميقاتنا ) صنف من لام الاختصاص كما سماها في الكشاف ومثلها بقولهم : أتيته لعشر خلون من الشهر يعني أنه اختصاص ما وجعلها ابن هشام بمعنى عند وجعل ذلك من معاني اللام وهو أظهر والمعنى : فلما جاء موسى مجيئا خاصا بالميقات أي : حاصلا عنده لا تأخير فيه كقوله تعالى ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) وفي الحديث سئل رسول الله أي الأعمال أفضل فقال : " الصلاة لوقتها " أي عند وقتها ومنه ( فطلقوهن لعدتهن ) .
ويجوز جعل اللام للأجل والعلة أي جاء لأجل ميقاتنا وذلك لما قدمناه من تضمن الميقات معنى الملاقاة والمناجاة أي جاء لأجل مناجاتنا .
والمجيء : انتقاله من بين قومه إلى جبل سينا المعين فيه مكان المناجاة .
والتكليم حقيقته النطق بالألفاظ المفيدة معاني بحسب وضع مصطلح عليه وهذه الحقيقة مستحيلة على الله تعالى لانها من أعراض الحوادث فتعين أن يكون إسناد التكليم إلى الله مجازا مستعملا في الدلالة على مراد الله تعالى بألفاظ من لغة المخاطب به بكيفية يوقن المخاطب به أن ذلك الكلام من أثر قدرة الله على وفق الإرادة ووفق العلم وهو تعلق تنجيزي بطريق غير معتاد فيجوز أن يخلق الله الكلام في شيء حادث سمعه موسى كما روي أن الله خلق الكلام في الشجرة التي كان موسى حذوها وذلك أول كلام كلمه الله موسى في أرض مدين في جبل " حوريب " ويجوز أن يخلق الله الكلام من خلال السحاب وذلك الكلام الواقع في طور سينا وهو المراد هنا . وهو المذكور في الإصحاح 19 من سفر الخروج .
A E والكلام بهذه الكيفية كان يسمعه موسى حين يكون بعيدا عن الناس في المناجاة أو نحوها وهو أحد الأحوال الثلاثة التي يكلم الله بها أنبياءه كما في قوله تعالى ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ) الآية في سورة الشورى وهو حادث لا محالة ونسبته إلى الله أنه صادر بكيفية غير معتادة لا تكون إلا بإرادة الله أن يخالف به المعتاد تشريفا له وهو المعبر عنه بقوله ( أو من وراء حجاب ) وقد كلم الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وأحسب الأحاديث القدسية كلها أو معظمها مما كلم الله به محمدا صلى الله عليه وسلم وأما إرسال الله جبريل بكلام إلى أحد أنبيائه فهي كيفية أخرى وذلك بإلقاء الكلام في نفس الملك الذي يبلغه إلى النبي والقرآن كله من هذا النوع وقد كان الوحي إلى موسى بواسطة الملك في أحوال كثيرة وهو الذي يعبر عنه في التوراة بقولها قال الله لموسى .
وقوله ( قال رب أرني ) هو جواب ( لما ) على الأظهر فإن قدرنا الواو في قوله ( وكلمه ) زائدة في جواب لما كان قوله ( قال ) واقعا في طريق المحاورة فلذلك فصل .
وسؤال موسى رؤية الله تعالى تطلع إلى زيادة المعرفة بالجلال الإلهي لأنه لما كانت المواعدة تتضمن الملاقاة . وكانت الملاقاة تعتمد رؤية الذات وسماع الحديث وحصل لموسى أحد ركني الملاقاة وهو التكليم أطمعه ذلك في الركن الثاني وهو المشاهدة ومما يؤذن بان التكليم هو الذي أطمع موسى في حصول الرؤية جعل جملة ( وكلمه ربه ) شرطا لحرف ( لما ) لأن ( لما ) تدل على شدة الارتباط بين شرطها وجوابها فلذلك يكثر أن يكون علة في حصول جوابها كما تقدم في قوله تعالى ( فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما ) في هذه السورة هذا على جعل ( وكلمه ) عطفا على شرط لما وليس جواب لما ولا نشك في أنه سأل رؤية تليق بذات الله تعالى وهي مثل الرؤية الموعود بها في الآخرة فكان موسى يحسب أن مثلها ممكن في الدنيا حتى أعلمه الله بان ذلك غير واقع في الدنيا ولا يمتنع على نبي عدم العلم بتفاصيل الشؤون الإلهية قبل أن يعلمها الله إياه وقد قال الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ( وقل رب زدني علما ) ولذلك كان أئمة أهل السنة محقين في الاستدلال بسؤال موسى رؤية الله على إمكانها بكيفية تليق بصفات الإلهية لا نعلم كنهها وهو معنى قولهم " بلا كيف "