وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ) استئناف لزيادة إيضاح تصلب المشركين وإصرارهم فهم المراد بالذين خسروا أنفسهم كما أريدوا بنظيره السابق الواقع بعد قوله ( ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ) . فهذا من التكرير للتسجيل وإقامة الحجة وقطع المعذرة وأنهم مصرون على الكفر حتى ولو شهد بصدق الرسول أهل الكتاب كقوله ( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ) . وقيل : أريد بهم أهل الكتاب أي الذين كتموا الشهادة فيكون ( الذين خسروا ) بدلا من ( الذين آتيناهم الكتاب ) .
( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون [ 21 ] ) عطف على جملة ( الذين خسروا أنفسهم ) . فالمراد بهم المشركون مثل قوله ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ) . وقد تقدم نظيره في سورة البقرة . والمراد بافترائهم عقيدة الشرك في الجاهلية بما فيها من تكاذيب وبتكذيبهم الآيات تكذيبهم القرآن بعد البعثة . وقد جعل الآتي بواحدة من هاتين الخصلتين أظلم الناس فكيف بمن جمعوا بينهما .
وجملة ( إنه لا يفلح الظالمون ) تذييل فلذلك فصلت أي إذا تحقق أنهم لا أظلم منهم فهم غير مفلحين لأنه لا يفلح الظالمون فكيف بمن بلغ ظلمه النهاية فاستغنى بذكر العلة عن ذكر المعلول .
وموقع ( إن ) في هذا المقام يفيد معنى التعليل للجملة المحذوفة كما تقرر في كلام عبد القاهر . وموقع ضمير الشأن معها أفاد الاهتمام بهذا الخبر اهتمام تحقيق لتقع الجملة الواقعة تفسيرا له في نفس السامع موقع الرسوخ .
والافتراء الكذب المتعمد . وقوله ( كذبا ) مصدر مؤكد له وهو أعم من الافتراء . والتأكيد يحصل بالأعم كما قدمناه في قوله تعالى ( ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب ) في سورة المائدة وقد نفى فلاحهم فعم كل فلاح في الدنيا والآخرة فإن الفلاح المعتد به في نظر الدين في الدنيا هو الإيمان والعمل وهو سبب فلاح الآخرة .
( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون [ 22 ] ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين [ 23 ] انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون [ 24 ] ) عطف على جملة ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) أو على جملة ( إنه لا يفلح الظالمون ) فإن مضمون هذه الجمل المعطوفة له مناسبة بمضمون جملة ( ومن أظلم ) ومضمون جملة ( إنه لا يفلح الظالمون ) لأن مضمون هذه من آثار الظلم وآثار عدم الفلاح ولأن مضمون الآية جامع للتهديد على الشرك والتكذيب ولإثبات الحشر ولإبطال الشرك .
وانتصب ( يوم ) على الظرفية وعامله محذوف والأظهر أنه يقدر مما تدل عليه المعطوفات وهي : نقول أو قالوا أو كذبوا أو ضل وكلها صالحة للدلالة على تقدير المحذوف وليست تلك الأفعال متعلقا بها الظرف بل هي دلالة على المتعلق المحذوف لأن المقصود تهويل ما يحصل لهم يوم الحشر من الفتنة والاضطراب الناشئين عن قول الله تعالى لهم ( أين شركاؤكم ) وتصدير تلك الحالة المهولة .
وقدر في الكشاف الجواب مما دل عليه مجموع الحكاية . وتقديره : كان ما كان وأن حذفه مقصود به الإبهام الذي هو داخل في التخويف . وقد سلك في هذا ما اعتاده أئمة البلاغة في تقدير المحذوفات من الأجوبة والمتعلقات . والأحسن عندي أنه إنما يصار إلى ذلك عند عدم الدليل في الكلام على تعيين المحذوف وإلا فقد يكون التخويف والتهويل بالتفصيل أشد منه بالإبهام إذا كان كل جزء من التفصيل حاصلا به تخويف . وقدر بعض المفسرين : اذكر يوم نحشرهم . ولا نكتة فيه . وهنالك تقديرات أخرى لبعضهم لا ينبغي أن يعرج عليها .
A E