يريد : ونفيت عنه الذئب . فإن قلت : لم قال : " جنتان " ؟ قلت : الخطاب للثقلين ؛ فكأنه قيل : لكل خائفين منكما جنتان : جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني . ويجوز أن يقال : جنة لفعل الطاعات وجنة لترك المعاصي ؛ لأن التكليف دائر عليهما وأن يقال : جنة يثاب بها وأخرى تضم إليها على وجه التفضل كقوله تعالى : " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " يونس : 26 خص الأفنان بالذكر : وهي الغصنة التي تتشعب من فروع الشجرة : لأنها هي التي تورق وتثمر فمنها تمتد الظلال ومنها تجتنى الثمار . وقيل : الأفنان ألوان النعم ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين . قال : .
ومن كل أفنان اللذاذة والصبا ... لهوتبه والعيش أخضر ناضر .
" عينان تجريان " حيث شاءوا في الأعالي والأسافل . وقيل : تجريان من جبل من مسك . وعن الحسن : تجريان بالماء الزلال : إحداهما التنسيم والأخرى : السلسبيل " زوجان " صنفان : قيل : صنف معروف وصنف غريب " متكئين " نصب على المدح الخائفين . أو حال منهم لأن من خاف في معنى الجمع " بطائنها من إستبرق " من ديباج ثخين وإذا كانت البطائن من الإستبرق فما ظنك بالظهائر ؟ وقيل : ظهائرها من سندس . وقيل : من نور " دان " قريب يناله القائم والقاعد والنائم . وقرئ : " وجنى " بكسر الجيم .
" فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . كأنهن الياقوت والمرجان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . هل جزاء الإحسان إلا الإحسان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . " " فيهن " في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجنى . أو في الجنتين لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس " قاصرات الطرف " نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن : لا ينظرن إلى غيرهم . لم يطمث الإنسيات منهن أحد من الإنس ولا الجنيات أحد من الجن وهذا دليل على أن الجن يطمثون كما يطمث الإنس وقرئ : " لم يطمثهن " بضم الميم . قيل : هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان وصغار الدر : أنصع بياضا . قيل : إن الحوراء تلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من ورائها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء " هل جزاء الإحسان " في العمل " إلا الإحسان " في الثواب . وعن محمد بن الحنفية : هي مسجلة للبر والفاجر . أي : مرسلة يعني : أن كل من أحسن أحسن إليه وكل من أساء أسيء إليه .
" ومن دونهما جنتان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . مدهامتان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . فيهما عينان نضاختان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . فيهما فاكهة ونخل ورمان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . " " ومن دونهما " ومن دون تينك الجنتين المدعودتين للمقربين " جنتان " لمن دونهم من أصحاب اليمين " مدهامتان . " قد ادهامتا من شدة الخضرة " نضاختان " فوارتان بالماء . والنضخ أكثر من النضح لأن النضح غير معجمة مثل الرش فإن قلت : لم عطف النخل والرمان على الفاكهة وهما منهما ؟ قلت : اختصاصا لهما وبيانا لفضلهما كأنهما لما لهما من المزية جنسان آخران كقوله تعالى : " وجبريل وميكائيل " البقرة : 98 أو لأن النخل ثمره فاكهة وطعام والرمان فاكهة ودواء فلم يخلصا للتفكه . ومنه قال أبو حنيفة C : إذا حلف لا يأكل فاكهة فأكل رمانا أو رطبا : لم يحنث وخالفه صاحباه .
" فيهن خيرات حسان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . حور مقصورات في الخيام . فبأي ألاء ربكما تكذبان . لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام . " " خيرات " خيرات فخففت كقوله عليه السلام :