آثارا كثيرة عن السلف في تكفير جهم وذكر الطبري في تاريخه في حوادث سنة سبع وعشرين أن الحارث بن سريج خرج على نصر بن سيار عامل خراسان لبني أمية وحاربه والحارث حينئذ يدعو إلى العمل بالكتاب والسنة وكان جهم حينئذ كاتبه ثم تراسلا في الصلح وتراضيا بحكم مقاتل بن حيان والجهم فاتفقا على ان الأمر يكون شورى حتى يتراضى أهل خراسان على أمير يحكم بينهم بالعدل فلم يقبل نصر ذلك واستمر على محاربة الحارث إلى ان قتل الحارث في سنة ثمان وعشرين في خلافة مروان الحمار فيقال ان الجهم قتل في المعركة ويقال بل اسر فأمر نصر بن سيار سلم بن احوز بقتله فادعى جهم الأمان فقال له سلم لو كنت في بطني لشققته حتى اقتلك فقتله وأخرج بن أبي حاتم من طريق محمد بن صالح مولى بني هاشم قال قال سلم حين أخذه يا جهم اني لست أقتلك لأنك قاتلتني أنت عندي أحقر من ذلك ولكني سمعتك تتكلم بكلام أعطيت الله عهدا ان لا املكك الا قتلتك فقتله ومن طريق معتمر بن سليمان عن خلاد الطفاوي بلغ سلم بن احوز وكان على شرطة خراسان ان جهم بن صفوان ينكر ان الله كلم موسى تكليما فقتله ومن طريق بكير بن معروف قال رأيت سلم بن أحوز حين ضرب عنق جهم فاسود وجه جهم وأسند أبو القاسم اللالكائي في كتاب السنة له ان قتل جهم كان في سنة اثنتين وثلاثين ومائة والمعتمد ما ذكره الطبري انه كان في سنة ثمان وعشرين وذكر بن أبي حاتم من طريق سعيد بن رحمة صاحب أبي إسحاق الفزاري ان قصة جهم كانت سنة ثلاثين ومائة وهذا يمكن حمله على جبر الكسر أو على ان قتل جهم تراخى عن قتل الحارث بن سريج واما قول الكرماني ان قتل جهم كان في خلافة هشام بن عبد الملك فوهم لأن خروج الحارث بن سريج الذي كان جهم كاتبه كان بعد ذلك ولعل مستند الكرماني ماأخرجه بن أبي حاتم من طريق صالح بن احمد بن حنبل قال قرأت في دواوين هشام بن عبد الملك إلى نصر بن سيار عامل خراسان اما بعد فقد نجم قبلك رجل يقال له جهم من الدهرية فان ظفرت به فاقتله ولكن لا يلزم من ذلك ان يكون قتله وقع في زمن هشام وان كان ظهور مقالته وقع قبل ذلك حتى كاتب فيه هشام والله اعلم وقال بن حزم في كتاب الملل والنحل فرق المقرين بملة الإسلام خمس أهل السنة ثم المعتزلة ومنهم القدرية ثم المرجئة ومنهم الجهمية والكرامية ثم الرافضة ومنهم الشيعة ثم الخوارج ومنهم الأزارقة والإباضية ثم افترقوا فرقا كثيرة فأكثر افتراق أهل السنة في الفروع واما في الإعتقاد ففي نبذ يسيرة واما الباقون ففي مقالاتهم ما يخالف أهل السنة الخلاف البعيد والقريب فاقرب فرق المرجئة من قال الإيمان التصديق بالقلب واللسان فقط وليست العبادة من الإيمان وأبعدهم الجهمية القائلون بان الإيمان عقد بالقلب فقط وان أظهر الكفر والتثليث بلسانه وعبد الوثن من غير تقية والكرامية القائلون بأن الإيمان قول باللسان فقط وان اعتقد الكفر بقلبه وساق الكلام على بقية الفرق ثم قال فاما المرجئة فعمدتهم الكلام في الإيمان والكفر فمن قال ان العبادة من الإيمان وانه يزيد وينقص ولا يكفر مؤمنا بذنب ولا يقول انه يخلد في النار فليس مرجئا ولو وافقهم في بقية مقالاتهم واما المعتزلة فعمدتهم الكلام في الوعد والوعيد والقدر فمن قال القرآن ليس بمخلوق وأثبت القدر ورؤية الله تعالى في القيامة وأثبت صفاته الواردة في الكتاب والسنة وان صاحب الكبائر لا يخرج بذلك عن الإيمان فليس بمعتزلي وان وافقهن في سائر مقالاتهم وساق بقية ذلك إلى ان قال واما الكلام فيما يوصف الله به فمشترك بين الفرق الخمسة من مثبت لها وناف فرأس النفاة المعتزلة والجهمية فقد بالغوا في ذلك حتى كادوا يعطلون ورأس المثبتة مقاتل بن سليمان ومن تبعه من الرافضة والكرامية فانهم