الرواية المعينه وهو الذي نص عليه الشافعي في الأم والبويطي وصرح به المرعشي وغيره من الأصحاب وذكره بن دقيق العيد والسبكي بحثا وهو منصوص كما ذكرنا وأن كانت أو شكا من الراوي فرواية من عين ولم يشك أولي من رواية من أبهم أو شك فيبقى النظر في الترجيح بين رواية اولاهن ورواية السابعه ورواية اولاهن أرجح من حيث الاكثريه والاحفظيه ومن حيث المعنى أيضا لأن تتريب الاخيره يقتضي الاحتياج إلى غسله أخرى لتنظيفه وقد نص الشافعي في حرملة على أن الأولى أولي والله اعلم وفي الحديث دليل على أن حكم النجاسه يتعدى عن محلها إلى ما يجاورها بشرط كونه مائعا وعلى تنجيس المائعات إذا وقع في جزء منها نجاسه وعلى تنجيس الإناء الذي يتصل بالمائع وعلى أن الماء القليل ينجس بوقوع النجاسة فيه وأن لم يتغير لأن ولوغ الكلب لا يغير الماء الذي في الإناء غالبا وعلى أن ورود الماء على النجاسه يخالف ورودها عليه لأنه أمر بإراقة الماء لما وردت عليه النجاسه وهو حقيقة في اراقة جميعه وأمر بغسله وحقيقته تتأدى بما يسمى غسلا ولو كان ما يغسل به أقل مما أريق فائده خالف ظاهر هذا الحديث المالكية والحنفيه فأما المالكية فلم يقولوا بالتتريب أصلا مع ايجابهم التسبيع على المشهور عندهم لأن التتريب لم يقع في رواية مالك قال القرافي منهم قد صحت فيه الأحاديث فالعجب منهم كيف لم يقولوا بها وعن مالك رواية أن الأمر بالتسبيع للندب والمعروف عند أصحابه أنه للوجوب لكنه للتعبد لكون الكلب طاهرا عندهم وأبدى بعض متأخريهم له حكمة غير التنجيس كما سيأتي وعن مالك رواية بأنه نجس لكن قاعدته أن الماء لا ينجس الا بالتغير فلا يجب التسبيع للنجاسه بل للتعبد لكن يرد عليه قوله صلى الله عليه وسلّم في أول هذا الحديث فيما رواه مسلم وغيره من طريق محمد بن سيرين وهمام بن منبه عن أبي هريرة طهور إناء أحدكم لأن الطهارة تستعمل أما عن حدث أو خبث ولا حدث على الإناء فتعين الخبث وأجيب بمنع الحصر لأن التيمم لا يرفع الحدث وقد قيل له طهور المسلم ولان الطهاره تطلق على غير ذلك كقوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وقوله صلى الله عليه وسلّم السواك مطهرة للفم والجواب عن الأول بان التيمم ناشيء عن حدث فلما قام ما يطهر الحدث سمي طهورا ومن يقول بأنه يرفع الحدث يمنع هذا الإيراد من أصله والجواب عن الثاني أن ألفاظ الشرع إذا دارت بين الحقيقه اللغويه والشرعيه حملت على الشرعيه الا إذا قام دليل ودعوى بعض المالكية أن المأمور بالغسل من ولوغه الكلب المنهي عن اتخاذه دون المأذون فيه يحتاج إلى ثبوت تقدم النهي عن الاتخاذ عن الأمر بالغسل وإلى قرينة تدل على أن المراد ما لم يؤذن في اتخاذه لأن الظاهر من اللام في قوله الكلب أنها للجنس أو لتعريف الماهيه فيحتاج المدعي أنها للعهد إلى دليل ومثله تفرقة بعضهم بين البدوي والحضري ودعوى بعضهم أن ذلك مخصوص بالكلب الكلب وأن الحكمة في الأمر بغسله من جهة الطب لأن الشارع اعتبر السبع في مواضع منه كقوله صبوا على من سبع قرب قوله من تصبح بسبع تمرات عجوة وتعقب بان الكلب الكلب لا يقرب الماء فكيف يؤمر بالغسل من ولوغه وأجاب حفيد بن رشد بأنه لا يقرب الماء بعد استحكام الكلب منه أما في ابتدائه فلا يمتنع وهذا التعليل وأن كان فيه مناسبة لكنه يستلزم التخصيص بلا دليل والتعليل بالتنجيس أقوى لأنه في معنى المنصوص وقد ثبت عن بن عباس التصريح بان الغسل من ولوغ الكلب بأنه رجس رواه محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح ولم يصح عن أحد من الصحابة خلافه