في أول نعمة الله على العبد فقيل الإيمان وقيل الحياة وقيل الصحة والأول أولى فإنه نعمة مطلقة واما الحياة والصحة فإنهما نعمة دنيوية ولا تكون نعمة حقيقة الا إذا صاحبت الإيمان وحينئذ يغبن فيها كثير من الناس أي يذهب ربحهم أو ينقص فمن استرسل مع نفسه الامارة بالسوء الخالدة إلى الراحة فترك المحافظة على الحدود والمواظبة على الطاعة فقد غبن وكذلك إذا كان فارغا فان المشغول قد يكون له معذرة بخلاف الفارغ فإنه يرتفع عنه المعذرة وتقوم عليه الحجة قوله وقال عباس العنبري هو بالمهملة والموحدة بن عبد العظيم أحد الحفاظ بصرى من اوساط شيوخ البخاري وقد أخرجه بن ماجة عن العباس المذكور فقال في كتاب الزهد من السنن في باب الحكمة منه حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري فذكره سواء قال الحاكم هذا الحديث صدر به بن المبارك كتابه فأخرجه عن عبد الله بن سعيد بهذا الإسناد قلت وأخرجه الترمذي والنسائي من طريقه قال الترمذي رواه غير واحد عن عبد الله بن سعيد فرفعوه ووقفه بعضهم على بن عباس وفي الباب عن أنس انتهى وأخرجه الإسماعيلي من طرق عن بن المبارك ثم من وجهين عن إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن سعيد ثم من طريق بندار عن يحيى بن سعيد القطان عن عبد الله به ثم قال قال بندار ربما حدث به يحيى بن سعيد ولم يرفعه وأخرجه بن عدي من وجه اخر عن بن عباس مرفوعا .
6050 - قوله عن معاوية بن قرة أي بن إياس المزني ولقرة صحبة ووقع في رواية ادم في فضائل الأنصار عن شعبة حدثنا أبو إياس معاوية بن قرة وإياس هو القاضي المشهور بالذكاء قوله عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال اللهم لا عيش الا عيش الآخرة في رواية المستملي ان النبي صلى الله عليه وسلّم قال قوله فأصلح الأنصار والمهاجرة تقدم في فضل الأنصار بيان الاختلاف على شعبة في لفظه وانه عطف عليه رواية شعبة عن قتادة عن أنس وزيادة من زاد فيه ان ذلك كان يوم الخندق فطابق حديث سهل بن سعد المذكور في الذي بعده وزيادة من زاد فيه انهم كانوا يقولون نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا ابدا فأجابهم بذلك وتقدم في غزوة الخندق من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس أتم من ذلك كله وفيه من طريق حميد عن أنس ان ذلك كان في غداة باردة ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال ذلك .
6051 - قوله الفضيل بن سليمان هو بالتصغير وهو النميري صدوق في حفظه شيء قوله وهو يحفر ونحن ننقل التراب تقدم في فضل الأنصار من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل خرج النبي صلى الله عليه وسلّم وهم يحفرون الخندق الحديث ويجمع بأن منهم من كان يحفر مع النبي صلى الله عليه وسلّم ومنهم من كان ينقل التراب قوله وبصر بنا بفتح أوله وضم الصاد المهملة وفي رواية الكشميهني ويمر بنا من المرور قوله فاغفر تقدم في غزوة الخندق بلفظ فاغفر للمهاجرين والأنصار وان الألفاظ المنقولة في ذلك بعضها موزون وأكثرها غير موزون ويمكن رده إلى الوزن بضرب من الزحاف وهو غير مقصود إليه بالوزن فلا يدخل هو في الشعر وفي هذين الحديثين إشارة إلى تحقير عيش الدنيا لما يعرض له من التكدير وسرعة الفناء قال بن المنير مناسبة إيراد حديث أنس وسهل مع حديث بن عباس الذي تضمنته الترجمة ان الناس قد غبن كثير منهم في الصحة والفراغ لايثارهم لعيش الدنيا على عيش الآخرة فأراد الإشارة إلى ان العيش الذي اشتغلوا به ليس بشيء بل العيش الذي شغلوا عنه هو المطلوب ومن فاته فهو المغبون