من اجتمعت فيه الصفات الأخرى كذلك فيعطي كل حقه بحسب حاله وقد تتعارض صفتان فأكثر فيرجح أو يساوي وقد حمله عبد الله بن عمرو أحد من روى الحديث على العموم فأمر لما ذبحت له شاة أن يهدي منها لجاره اليهودي أخرجه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وحسنه وقد وردت الإشارة إلى ما ذكرته في حديث مرفوع أخرجه الطبراني من حديث جابر رفعه الجيران ثلاثة جار له حق وهو المشرك له حق الجوار وجار له حقان وهو المسلم له حق الجوار وحق الإسلام وجار له ثلاثة حقوق مسلم له رحم له حق الجوار والإسلام والرحم قال القرطبي الجار يطلق ويراد به الداخل في الجوار ويطلق ويراد به المجاور في الدار وهو الأغلب والذي يظهر أنه المراد به في الحديث الثاني لأن الأول كان يرث ويورث فإن كان هذا الخبر صدر قبل نسخ التوريث بين المتعاقدين فقد كان ثابتا فكيف يترجى وقوعه وإن كان بعد النسخ فكيف يظن رجوعه بعد رفعه فتعين أن المراد به المجاور في الدار وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة حفظ الجار من كمال الإيمان وكان أهل الجاهلية يحافظون عليه ويحصل امتثال الوصية به بايصال ضروب الإحسان إليه بحسب الطاقة كالهدية والسلام وطلاقة الوجه عند لقائه وتفقد حاله ومعاونته فيما يحتاج إليه إلى غير ذلك وكف أسباب الأذى عنه على اختلاف أنواعه حسية كانت أو معنوية وقد نفى صلى الله عليه وسلّم الإيمان عمن لم يأمن جاره بوائقه كما في الحديث الذي يليه وهي مبالغة تنبئ عن تعظيم حق الجار وأن إضراره من الكبائر قال ويفترق الحال في ذلك بالنسبة للجار الصالح وغير الصالح والذي يشمل الجميع إرادة الخير له وموعظته بالحسنى والدعاء له بالهداية وترك الإضرار له إلا في الموضع الذي يجب فيه الاضرار له بالقول والفعل والذي يخص الصالح هو جميع ما تقدم وغير الصالح كفه عن الذي يرتكبه بالحسنى على حسب مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويعظ الكافر بعرض الإسلام عليه ويبين محاسنه والترغيب فيه برفق ويعظ الفاسق بما يناسبه بالرفق أيضا ويستر عليه زلله عن غيره وينهاه برفق فإن أفاد فبه وإلا فيهجره قاصدا تأديبه على ذلك مع إعلامه بالسبب ليكف وسيأتي القول في حد الجار في باب حق الجوار قريبا انتهى ملخصا الحديث الثاني .
5669 - قوله عمر بن محمد أي بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وذكر لفظه مثل لفظ حديث عائشة وقد روى هذا المتن أيضا أبو هريرة وهو في صحيح بن حبان وعبد الله بن عمرو بن العاص وهو عند أبي داود والترمذي وأبو أمامة وهو عند الطبراني ووقع عنده في حديث عبد الله بن عمرو أن ذلك كان في حجة الوداع وله في لفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه فأفاد أنه وقع لعبد الله بن عمرو مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم نظير ما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلّم مع جبريل ولأحمد من حديث رجل من الأنصار خرجت أريد النبي صلى الله عليه وسلّم فإذا به قائم ورجل مقبل عليه فجلست حتى جعلت أرثي له من طول القيام فذكرت له ذلك فقال أتدري من هذا قلت لا قال هذا جبريل فذكر مثل حديث بن عمر سواء وأخرج عبد بن حميد نحوه من حديث جابر فأفاد سبب الحديث ولم أر في شيء من طرقه بيان لفظ وصية جبريل إلا أن الحديث يشعر بأنه بالغ في تأكيد حق الجار وقال بن أبي جمرة يستفاد من الحديث أن من أكثر من شيء من أعمال البر يرجى له الانتقال إلى ما هو أعلى منه وأن الظن إذا كان في طريق الخير جاز ولو لم يقع المظنون بخلاف ما إذا كان في طريق الشر وفيه جواز الطمع في الفضل إذا توالت النعم وفيه جواز التحدث بما يقع في النفس من أمور الخير والله أعلم