بخلاف المنفردين ولا يمكن حمل حديث أنس هذا في الخليطين على ما ادعاه صاحب التأويل الأول وحمل علة النهي لخوف الإسراع أظهر من حملها على الإسراف لأنه لا فرق بين نصف رطل من تمر ونصف رطل من بسر إذا خلطا مثلا وبين رطل من زبيب صرف بل هو أولى لقلة الزبيب عندهم إذ ذاك بالنسبة إلى التمر والرطب وقد وقع الإذن بأن ينبذ كل واحد على حدة ولم يفرق بين قليل وكثير فلو كانت العلة الإسراف لما أطلق ذلك وحكى الطحاوي في اختلاف العلماء عن الليث قال لا أرى بأسا أن يخلط نبيذ التمر ونبيذ الزبيب ثم يشربان جميعا وإنما جاء النهي أن ينبذا جميعا ثم يشربان لأن أحدهما يشتد به صاحبه .
5278 - قوله وقال عمرو بن الحارث حدثنا قتادة سمع أنسا أراد بهذا التعليق بيان سماع قتادة لأنه وقع في الرواية التي ساقها قبل معنعنا وقد أخرجه مسلم من طريق بن وهب عن عمرو بن الحارث ولفظه نهى أن يخلط التمر والزهو ثم يشرب وأن ذلك كان عامة خمرهم يومئذ وهذا السياق أظهر في المراد الذي حملت عليه لفظ الترجمة والله أعلم وقوله في الإسناد الأول حدثنا مسلم وقع في رواية النسفي حدثنا مسلم بن إبراهيم وهشام هو الدستوائي الحديث الثاني حديث جابر وأورده بلفظ نهى عن الزبيب والتمر والبسر والرطب وليس صريحا في النهي عن الخليط وقد بينه مسلم في روايته من طريق عبد الرزاق ويحيى القطان جميعا عن بن جريج بلفظ لا تجمعوا بين الرطب والبسر وبين الزبيب والتمر نبيذا وأخرج أيضا من طريق الليث عن عطاء نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا والرطب والبسر جميعا الحديث الثالث حديث أبي قتادة .
5280 - قوله حدثنا مسلم هو بن إبراهيم أيضا وهشام هو الدستوائي أيضا قوله عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه هو الأنصاري المشهور قوله نهى في رواية مسلم من طريق إسماعيل بن علية عن هشام بهذا الإسناد لا تنبذوا الزهو والرطب جميعا الحديث قوله ولينبذ كل واحد منهما أي من كل اثنين منهما فيكون الجمع بين أكثر بطريق الأولى قوله على حدة بكسر المهملة وفتح الدال بعدها هاء تأنيث أي وحده ووقع في رواية الكشميهني على حدته وهذا مما يؤيد رد التأويل المذكور أولا كما بينته ولمسلم من حديث أبي سعيد من شرب منكم النبيذ فليشربه زبيبا فردا أو تمرا فردا أو بسرا فردا وأخرج بن أبي شيبة وأحمد والنسائي سبب النهي من طريق الحراني عن بن عمر قال أتى النبي صلى الله عليه وسلّم بسكران فضربه ثم سأله عن شرابه فقال شربت نبيذ تمر وزبيب فقال النبي صلى الله عليه وسلّم لا تخلطوهما فان كل واحد منهما يكفي وحده قال النووي وذهب أصحابنا وغيرهم من العلماء إلى أن سبب النهي عن الخليط أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يشتد فيظن الشارب أنه لم يبلغ حد الإسكار ويكون قد بلغه قال ومذهب الجمهور أن النهي في ذلك للتنزيه وإنما يمتنع إذا صار مسكرا ولا تخفى علامته وقال بعض المالكية هو للتحريم واختلف في خلط نبيذ البسر الذي لم يشتد مع نبيذ التمر الذي لم يشتد عند الشرب هل يمتنع أو يختص النهي عن الخلط عند الانتباذ فقال الجمهور لا فرق وقال الليث لا بأس بذلك عند الشرب ونقل بن التين عن الداودي أن سبب النهي أن النبيذ يكون حلوا فإذا أضيف إليه الآخر أسرعت إليه الشدة وهذه صورة أخرى كأنه يخص النهي بما إذا نبذ أحدهما ثم أضيف إليه الآخر لا ما إذا نبذا معا واختلف في الخليطين من الأشربة غير النبيذ فحكى بن التين عن بعض الفقهاء أنه كره أن يخلط للمريض شرابين ورده بأنهما لا يسرع إليهما الإسكار اجتماعا وانفرادا وتعقب باحتمال أن يكون قائل ذلك يرى أن العلة الإسراف كما تقدم لكن يقيد كلام هذا في مسألة المريض بما إذا كان المفرد كافيا في دواء ذلك