به وبه قال الجمهور وذهب أبو حنيفة إلى أن الجيش إذا فصلوا من دار الإسلام مددا لجيش آخر فوافوهم بعد الفتح إنهم يشتركون معهم في الغنيمة واحتج بما قسم صلى الله عليه وسلّم للاشعريين لما قدموا مع جعفر من خيبر وبما قسم النبي صلى الله عليه وسلّم لمن لم يحضر الوقعة كعثمان في بدر ونحو ذلك فأما قصة الأشعريين فسيأتي سياقها في غزوة خيبر والجواب عنها سيأتي بعد أبواب وأما الجواب عن مثل قصة عثمان فأجاب الجمهور عنها بأجوبة أحدها أن ذلك خاص به لا بمن كان مثله ثانيها أن ذلك حيث كانت الغنيمة كلها للنبي صلى الله عليه وسلّم عند نزول يسألونك عن الانفال ثم نزلت بعد ذلك واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول فصارت أربعة اخماس الغنيمة للغانمين ثالثها على تقدير أن يكون ذلك بعد فرض الخمس فهو محمول على أنه إعطاء من الخمس وإلى ذلك جنح المصنف كما سيأتي رابعها التفرقة بين من كان في حاجة تتعلق بمنفعة الجيش أو بإذن الإمام فيسهم له بخلاف غيره وهذا مشهور مذهب مالك وقال بن بطال لم يقسم النبي صلى الله عليه وسلّم في غير من شهد الوقعة الا في خيبر فهي مستثناة من ذلك فلا يجعل أصلا يقاس عليه فإنه قسم لأصحاب السفينة لشدة حاجتهم ولذلك أعطى الأنصار عوض ما كانوا أعطوا المهاجرين أول ما قدموا عليهم قال الطحاوي ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلّم استطاب أنفس أهل الغنيمة بما أعطى الأشعريين وغيرهم وهذا كله في الغنيمة المنقولة وقد تقدم في المزارعة بيان الاختلاف في الأرض التي يملكها المسلمون عنوة قال بن المنذر ذهب الشافعي إلى أن عمر استطاب أنفس الغانمين الذين افتتحوا أرض السواد وأن الحكم في أرض العنوة أن تقسم كما قسم النبي صلى الله عليه وسلّم خيبر وتعقب بأنه مخالف لتعليل عمر بقوله لولا آخر المسلمين لكن يمكن أن يقال معناه لولا آخر المسلمين ما استطبت أنفس الغانمين وأما قول عمر كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلّم خيبر فإنه يريد بعض خيبر لا جميعها قاله الطحاوي وأشار إلى ما روي عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما قسم خيبر عزل نصفها لنوائبه وما ينزل به وقسم النصف الباقي بين المسلمين فلم يكن لهم عمال فدفعوها إلى اليهود ليعملوها على نصف ما يخرج منها الحديث والمراد بالذي عزله ما افتتح صلحا وبالذي قسمه ما افتتح عنوة وسيأتي بيان ذلك بأدلته في المغازي أن شاء الله تعالى قال بن المنير ترجم البخاري بأن الغنيمة لمن شهد الوقعة وأخرج قول عمر المقتضي لوقف الأرض المغنومة وهذا ضد ما ترجم به ثم أجاب بأن المطابق لترجمته قول عمر كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلّم خيبر فأومأ البخاري إلى ترجيح القسمة الناجزة والحجة فيه أن الآتي الذي لم يوجد بعد لا يستحق شيئا من الغنيمة الحاضرة بدليل أن الذي يغيب عن الوقعة لا يستحق شيئا بطريق الأولى قلت ويحتمل أن يكون البخاري أراد التوفيق بين ما جاء عن عمر أن الغنيمة لمن شهد الوقعة وبين ما جاء عنه أنه يرى أن توقف الأرض بحمل الأول على أن عمومه مخصوص بغير الأرض قال بن المنير وجه احتجاج عمر بقوله تعالى والذين جاؤوا من بعدهم أن الواو عاطفة فيحصل اشتراك من ذكر في الاستحقاق والجملة في قوله تعالى يقولون في موضع الحال فهي كالشرط للاستحقاق والمعنى إنهم يستحقون في حال الاستغفار ولو أعربناها استئنافية للزم أن كل من جاء بعدهم يكون مستغفرا لهم والواقع بخلافه فتعين الأول واختلف في الأرض التي أبقاها عمر بغير قسمة فذهب الجمهور إلى أنه وقفها لنوائب المسلمين وأجرى فيها الخراج ومنع بيعها وقال بعض الكوفيين ابقاها ملكا لمن كان بها من الكفرة وضرب عليهم الخراج وقد أشتد نكير كثير من فقهاء أهل الحديث على هذه المقالة ولبسطها موضع غير هذا والله أعلم