وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يقول تعالى مبينا أنه الخالق لكل شيء من الزروع والثمار والأنعام التي تصرف فيها هؤلاء المشركون بآرائهم الفاسدة وقسموها وجزؤوها فجعلوا منها حراما وحلالا فقال { وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : معروشات مسموكات وفي رواية فالمعروشات ما عرش الناس وغير معروشات ما خرج في البر والجبال من الثمرات وقال عطاء الخراساني عن ابن عباس : معروشات ما عرش من الكرم وغير معروشات ما لم يعرش من الكرم وكذا قال السدي وقال ابن جريج متشابها وغير متشابه قال : متشابها في المنظر وغير متشابه في المطعم وقال محمد بن كعب { كلوا من ثمره إذا أثمر } قال : من رطبه وعنبه وقوله تعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده } قال ابن جرير : قال بعضهم هي الزكاة المفروضة حدثنا عمرو حدثنا عبد الصمد حدثنا يزيد بن درهم قال : سمعت أنس بن مالك يقول { وآتوا حقه يوم حصاده } قال : الزكاة المفروضة .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { وآتوا حقه يوم حصاده } يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله وكذا قال سعيد بن المسيب وقال العوفي عن ابن عباس { وآتوا حقه يوم حصاده } وذلك أن الرجل كان إذا زرع فكان يوم حصاده لم يخرج مما حصد شيئا فقال الله تعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده } وذلك أن يعلم ما كيله وحقه من كل عشرة واحد وما يلقط الناس من سنبله وقد روى الإمام أحمد وأبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر من كل جاذ عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين وهذا إسناد جيد قوي وقال طاوس وأبو الشعثاء وقتادة والحسن والضحاك وابن جريج : هي الزكاة وقال الحسن البصري : هي الصدقة من الحب والثمار وكذا قال زيد بن أسلم وقال آخرون : وهو حق آخر سوى الزكاة وقال أشعث : عن محمد بن سيرين ونافع عن ابن عمر في قوله { وآتوا حقه يوم حصاده } قال : كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة رواه ابن مردويه وروى عبد الله بن المبارك وغيره عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح في قوله { وآتوا حقه يوم حصاده } قال : يعطي من حضره يومئذ ما تيسر وليس بالزكاة وقال مجاهد : إذا حضرك المساكين طرحت لهم منه وقال عبد الرزاق عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد { وآتوا حقه يوم حصاده } قال : عند الزرع يعطي القبضة وعند الصرام يعطي القبضة ويتركهم فيتبعون آثار الصرام وقال الثوري : عن حماد عن إبراهيم النخعي قال : يعطي مثل الضغث وقال ابن المبارك عن شريك عن سالم عن سعيد بن جبير { وآتوا حقه يوم حصاده } قال : كان هذا قبل الزكاة للمساكين القبضة والضغث لعلف دابته وفي حديث ابن لهيعة : عن دراج عن أبي الهيثم عن سعيد مرفوعا { وآتوا حقه يوم حصاده } قال [ ما سقط من السنبل ] رواه ابن مردويه وقال آخرون : هذا شيء كان واجبا ثم نسخه الله بالعشر أو نصف العشر حكاه ابن جرير عن ابن عباس ومحمد بن الحنفية وإبراهيم النخعي والحسن والسدي وعطية العوفي وغيرهم واختاره ابن جرير C قلت : وفي تسمية هذا نسخا نظر لأنه قد كان شيئا واجبا في الأصل ثم إنه فصل بيانه وبين مقدار المخرج وكميته قالوا : وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة فالله أعلم .
وقد ذم الله سبحانه الذين يصرمون ولا يتصدقون كما ذكر عن أصحاب الجنة في سورة [ ن ] { إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين * ولا يستثنون * فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون * فأصبحت كالصريم } أي كالليل المدلهم سوداء محترقة { فتنادوا مصبحين * أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين * فانطلقوا وهم يتخافتون * أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين * وغدوا على حرد } أي قوة وجلد وهمة { قادرين * فلما رأوها قالوا إنا لضالون * بل نحن محرومون * قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون * قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين * فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون * قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين * عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون * كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } .
وقوله تعالى : { ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } قيل معناه لا تسرفوا في الإعطاء فتعطوا فوق المعروف وقال أبو العالية : كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا ثم تباروا فيه وأسرفوا فأنزل الله { ولا تسرفوا } وقال ابن جريج : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس جذ نخلا له فقال : لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة فأنزل الله تعالى : { ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } رواه ابن جرير عنه وقال ابن جريج عن عطاء : نهوا عن السرف في كل شيء وقال إياس بن معاوية : ما جاوزت به أمر الله فهو سرف وقال السدي في قوله { ولا تسرفوا } قال : لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء وقال سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب في قوله { ولا تسرفوا } قال : لا تمنعوا الصدقة فتعصوا ربكم ثم اختار ابن جرير قول عطاء أنه نهي عن الإسراف في كل شيء ولا شك أنه صحيح لكن الظاهر والله أعلم من سياق الاية حيث قال تعالى : { كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا } أن يكون عائدا على الأكل أي لا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرة العقل والبدن كقوله تعالى : { كلوا واشربوا ولا تسرفوا } الاية .
وفي صحيح البخاري تعليقا [ كلوا واشربوا والبسوا من غير إسراف ولا مخيلة ] وهذا من هذا والله أعلم وقوله D { ومن الأنعام حمولة وفرشا } أي وأنشأ لكم من الأنعام ما هو حمولة وما هو فرش قيل المراد بالحمولة ما يحمل عليه من الإبل والفرش الصغار منها كما قال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله : حمولة ما حمل عليه من الإبل وفرشا الصغار من الإبل رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال ابن عباس : الحمولة هي الكبار والفرش الصغار من الإبل وكذا قال مجاهد وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { ومن الأنعام حمولة وفرشا } أما الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه وأما الفرش فالغنم واختاره ابن جرير قال : وأحسبه إنما سمي فرشا لدنوه من الأرض وقال الربيع بن أنس والحسن والضحاك وقتادة وغيره : الحمولة الإبل والبقر والفرش الغنم وقال السدي : أما الحمولة فالإبل وأما الفرش فالفصلان والعجاجيل والغنم وما حمل عليه فهو حمولة وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الحمولة ما تركبون والفرش ما تأكلون وتحلبون شاة لا تحمل تأكلون لحمها وتتخذون من صوفها لحافا وفرشا وهذا الذي قاله عبد الرحمن : في تفسير هذه الاية الكريمة حسن يشهد له قوله تعالى : { أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون } وقال تعالى : { وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين } إلى أن قال { ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين } .
وقال تعالى : { الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون * ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون * ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون } وقوله تعالى : { كلوا مما رزقكم الله } أي من الثمار والزروع والأنعام فكلها خلقها الله وجعلها رزقا لكم { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } أي طريقه وأوامره كما اتبعها المشركون الذين حرموا ما رزقهم الله أي من الثمار والزروع افتراء على الله { إنه لكم } أي أن الشيطان أيها الناس لكم { عدو مبين } أي بين ظاهر العداوة كما قال تعالى : { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } وقال تعالى : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما } الاية وقال تعالى : { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا } والايات في هذا كثيرة في القرآن