وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار قال محمد بن جرير : حدثنا محمد بن مرزوق حدثنا عمرو بن يونس عن عكرمة حدثنا ابن إسحاق بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذين أرسلهم نبي الله صلى الله عليه وسلّم إلى أهل بئر معونة قال : لا أدري أربعين أو سبعين وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري فخرج أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى أتوا غارا مشرفا على الماء فقعدوا فيه ثم قال بعضهم لبعض : أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلّم أهل هذا الماء ؟ فقال ـ أراه ابن ملحان الأنصاري : أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فخرج حتى أتى حيا منهم فاختبأ أمام البيوت ثم قال : [ يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله إليكم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فآمنوا بالله ورسوله فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضربه في جنبه حتى خرج من الشق الاخر فقال : الله أكبر فزت ورب الكعبة ] فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل وقال إسحاق : حدثني أنس بن مالك أن الله أنزل فيهم قرآنا : [ بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه ] ثم نسخت فرفعت بعد ما قرأناها زمانا وأنزل الله تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } وقد قال مسلم في صحيحه : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال : سألنا عبد الله عن هذه الاية { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال [ أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال : هل تشتهون شيئا ؟ فقالوا : أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا ] وقد روي نحوه من حديث أنس وأبي سعيد .
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال [ ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها أن ترجع إلى الدنيا إلا الشهيد فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى لما يرى من فضل الشهادة ] تفرد به مسلم من طريق حماد .
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عبد الله المديني حدثنا سفيان عن محمد بن علي بن ربيعة السلمي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ أعلمت أن الله أحيا أباك فقال له : تمن علي فقال له : أرد إلى الدنيا فأقتل مرة أخرى قال : إني قضيت الحكم أنهم إليها لا يرجعون ] تفرد به أحمد من هذا الوجه وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما : أن أبا جابر وهو عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري Bه قتل يوم أحد شهيدا قال البخاري : وقال أبو الوليد عن شعبة عن ابن المنكدر : سمعت جابرا قال لما قتل أبي : جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم ينهوني والنبي صلى الله عليه وسلّم لم ينه وقال النبي صلى الله عليه وسلّم [ لا تبكه ـ أو ما تبكيه ـ ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع ] وقد أسنده هو ومسلم والنسائي من طريق آخر عن شعبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : لما قتل أبي يوم أحد جعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي وذكر تمامه بنحوه .
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثنا إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير المكي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن متقلبهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله D : أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله D هذه الايات { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } وما بعدها ] هكذا رواه أحمد وكذا رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن إسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق به ورواه أبو داود والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس Bهما فذكره وهذا أثبت وكذا رواه سفيان الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ وروى الحاكم في مستدركه من حديث أبي إسحاق الفزاري عن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نزلت هذه الاية في حمزة وأصحابه { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وكذلك قال قتادة والربيع والضحاك : أنها نزلت في قتلى أحد .
( حديث آخر ) قال أبو بكر بن مردويه حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا هارون بن سليمان أنبأنا علي بن عبد الله المديني أنبأنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفاكه الأنصاري سمعت طلحة بن خراش بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمة الأنصاري قال : سمعت جابر بن عبد الله قال : نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذات يوم فقال [ يا جابر مالي أراك مهتما ؟ قال قلت : يا رسول الله استشهد أبي وترك دينا وعيالا قال : فقال : ألا أخبرك ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب وإنه كلم أباك كفاحا قال علي : الكفاح المواجهة قال : سلني أعطك قال : أسألك أن أرد إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب D : إنه قد سبق مني القول : أنهم إليها لا يرجعون قال : أي رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا } الاية ] ثم رواه من طريق أخرى عن محمد بن سليمان بن سليط الأنصاري عن أبيه عن جابر به نحوه وكذا رواه البيهقي في دلائل النبوة من طريق علي بن المديني به وقد رواه البيهقي أيضا من حديث أبي عبادة الأنصاري وهو عيسى بن عبد الرحمن إن شاء الله عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : [ قال النبي صلى الله عليه وسلّم لجابر : يا جابر ألا أبشرك قال : بلى بشرك الله بالخير قال شعرت أن الله أحيا أباك فقال : تمن علي عبدي ما شئت أعطكه قال : يا رب ما عبدتك حق عبادتك أتمنى عليك أن تردني إلى الدنيا فأقاتل مع نبيك وأقتل فيك مرة أخرى قال : إنه سلف مني أنه إليها لا يرجع ] .
( حديث آخر ) قال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثنا الحارث بن فضيل الأنصاري عن محمود بن لبيد عن ابن عباس Bهما قال : [ قال رسول الله A الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا ] تفرد به أحمد وقد رواه ابن جرير عن أبي كريب : حدثنا عبد الرحمن بن سليمان وعبيدة عن محمد بن إسحاق به وهو إسناد جيد وكأن الشهداء أقسام : منهم من تسرح أرواحهم في الجنة ومنهم من يكون على هذا النهر بباب الجنة وقد يحتمل أن يكون منتهى سيرهم إلى هذا النهر فيجتمعون هنالك ويغدى عليهم برزقهم هناك ويراح والله أعلم ـ وقد روينا في مسند الإمام أحمد حديثا فيه البشارة لكل مؤمن بأن روحه تكون في الجنة تسرح أيضا فيها وتأكل من ثمارها وترى ما فيها من النضرة والسرور وتشاهد ما أعده الله لها من الكرامة وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة فإن الإمام أحمد C رواه عن محمد بن إدريس الشافعي C عن مالك بن أنس الأصبحي C عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه Bه قال : [ قال رسول الله A نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه ] قوله [ يعلق ] أي يأكل وفي هذا الحديث [ إن روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة ] وأما أرواح الشهداء فكما تقدم في حواصل طير خضر فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين فإنها تطير بأنفسها فنسأل الله الكريم المنان أن يميتنا على الإيمان ـ وقوله تعالى : { فرحين بما آتاهم الله } إلى آخر الاية أي الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم وهم فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم يقدمون عليهم وأنهم لا يخافون مما أمامهم ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم نسأل الله الجنة قال محمد بن إسحاق { ويستبشرون } أي ويسرون بلحوق من خلفهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم قال السدي : يؤتى الشهيد بكتاب فيه : يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا فيسر بذلك كما يسر أهل الدنيا بغائبهم إذا قدم وقال سعيد بن جبير : لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا : يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة فإذا شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصبنا من الخير فأخبر رسول الله A بأمرهم وما هم فيه من الكرامة وأخبرهم أي ربهم أني قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه فاستبشروا بذلك فذلك قوله : { ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم } الاية وقد ثبت في الصحيحين عن أنس Bه في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار الذين قتلوا في غداة واحدة وقنت رسول الله A يدعو على الذين قتلوهم ويلعنهم قال أنس : ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع [ أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا ] .
ثم قال تعالى : { يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } قال محمد بن إسحاق : استبشروا وسروا لما عاينوا من وفاء الموعود وجزيل الثواب وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هذه الاية جمعت المؤمنين كلهم سواء الشهداء وغيرهم وقلما ذكر الله فضلا ذكر به الأنبياء وثوابا أعطاهم الله إياه إلا ذكر الله ما أعطى المؤمنين من بعدهم وقوله تعالى : { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح } هذا كان يوم حمراء الأسد وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كروا راجعين إلى بلادهم فلما استمروا في سيرهم ندموا لم لا تمموا على أهل المدينة وجعلوها الفيصلة فلما بلغ ذلك رسول الله A ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم أن بهم قوة وجلدا ولم يأذن لأحد سوى من حضر الوقعة يوم أحد سوى جابر بن عبد الله Bه لما سنذكره فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والإثخان طاعة لله D ولرسوله A قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة قال : لما رجع المشركون عن أحد قالوا : لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم بئس ما صنعتم ارجعوا فسمع رسول الله A بذلك فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد ـ أو بئر أبي عيينة ـ الشك من سفيان ـ فقال المشركون : نرجع من قابل فرجع رسول الله A فكانت تعد غزوة فأنزل الله تعالى : { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم } ورواه ابن مردويه من حديث محمد بن منصور عن سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس فذكره ـ وقال محمد بن إسحاق : كان يوم أحد يوم السبت للنصف من شوال فلما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله A في الناس بطلب العدو وأذن مؤذنه أن لا يخرج معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام فقال : يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع وقال : يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله A على نفسي فتخلف على أخواتك فتخلفت عليهن فأذن له رسول الله A فخرج معه وإنما خرج رسول الله A مرهبا للعدو وليبلغهم أنه خرج في طلبهم ليظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم قال محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان : أن رجلا من أصحاب رسول الله A من بني عبد الأشهل كان قد شهد أحدا قال : شهدت أحدا مع رسول الله A أنا وأخي فرجعنا جريحين فلما أذن مؤذن رسول الله A بالخروج في طلب العدو قلت لأخي ـ أو قال لي : أتفوتنا غزوة مع رسول الله A ؟ والله ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله وكنت أيسر جراحا منه فكان إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون وقال البخاري : حدثنا محمد بن سلام حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة Bها { الذين استجابوا لله والرسول } الاية قلت لعروة : يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر Bهما لما أصاب نبي الله A ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال [ من يرجع في أثرهم ] فانتدب منهم سبعون رجلا فيهم أبو بكر والزبير Bهما هكذا رواه البخاري منفردا به بهذا السياق وهكذا رواه الحاكم في مستدركه عن الأصم عن عباس الدوري عن أبي النضر عن أبي سعيد المؤدب عن هشام بن عروة به ثم قال : صحيح ولم يخرجاه كذا قال ورواه ابن ماجه عن هشام بن عمار وهدية بن عبد الوهاب عن سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة به وهكذا رواه سعيد بن منصور وأبو بكر الحميدي في مسنده عن سفيان به وقد رواه الحاكم أيضا من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن البهي عن عروة قال : قالت لي عائشة : يا بني إن أباك من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ـ وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الله بن جعفر من أصل كتابه أنبأنا سمويه أنبأنا عبد الله بن الزبير أنبأنا سفيان أنبأنا هشام عن أبيه عن عائشة Bها قالت : [ قال لي رسول الله A إن كان أبواك لمن الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح أبو بكر والزبير Bهما ] ورفع هذا الحديث خطأ محض من جهة إسناده لمخالفته رواية الثقات من وقفه على عائشة Bها كما قدمناه ومن جهة معناه فإن الزبير ليس هو من آباء عائشة وإنما قالت ذلك عائشة لعروة بن الزبير لأنه ابن أختها أسماء بنت أبي بكر الصديق Bهم وقال ابن جرير : حدثني محمد بن سعد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قال : إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب يوم أحد بعد ما كان منه ما كان فرجع إلى مكة فقال النبي A [ إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب ] وكانت وقعة أحد في شوال وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة وإنهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك إلى النبي A واشتد عليهم الذي أصابهم وإن رسول الله A ندب الناس لينطلقوا معه ويتبعوا ما كانوا متبعين وقال [ إنما يرتحلون الان فيأتون الحج ولا يقدرون على مثلها حتى عام مقبل ] فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال : إن الناس قد جمعوا لكم فأبى عليه الناس أن يتبعوه فقال [ إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد لأحضض الناس فانتدب معه أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو عبيدة بن الجراح في سبعين رجلا فساروا في طلب أبي سفيان فطلبوه حتى بلغوا الصفراء ] فأنزل الله تعالى : { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح } الاية ثم قال ابن إسحاق : فخرج رسول الله A حتى انتهى إلى حمراء الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال قال ابن هشام : واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة وقد مر به ـ كما حدثني عبد الله بن أبي بكر ـ معبد بن أبي معبد الخزاعي وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة نصح لرسول الله A بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا كان بها ومعبد يومئذ مشرك فقال : يا محمد أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك ولوددنا أن الله عافاك فيهم ثم خرج ورسول الله A بحمراء الأسد حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله A وأصحابه وقالوا : أصبنا حد أصحابه وقادتهم وأشرافهم ثم نرجع قبل أن نستأصلهم ؟ لنكرن على بقيتهم ثم فلنفرغن منهم فلما رأى أبو سفيان معبدا قال : ما وراءك يا معبد ؟ قال : محمد وأصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثلهم يتحرقون عليكم تحرقا قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم وندموا على ما صنعوا فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط قال : ويلك ما تقول ؟ قال : والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصي الخيل قال : فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم قال : فإني أنهاك عن ذلك فوالله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيهم أبياتا من شعر قال : وما قلت ؟ قال : قلت : .
( كادت تهد من الأصوات راحلتي ... إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل ) .
( تردى بأسد كرام لا تنابلة ... عند اللقاء ولا ميل معازيل ) .
( فظلت عدوا أظن الأرض مائلة ... لما سموا برئيس غير مخذول ) .
( فقلت ويل ابن حرب من لقائكم ... إذا تغطمطت البطحاء بالجيل ) .
( إني نذير لأهل البسل ضاحية ... لكل ذي إربة منهم ومعقول ) .
( من جيش أحمد لا وخش تنابلة ... وليس يوصف ما أنذرت بالقيل ) .
قال : فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه ومر به ركب من بني عبد القيس فقال : أين تريدون ؟ قالوا : نريد المدينة قال : ولم ؟ قالوا : نريد الميرة قال : فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه وأحمل لكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتمونا ؟ قالوا : نعم قال : فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا المسير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم فمر الركب برسول الله A وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان وأصحابه فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل وذكر ابن هشام عن أبي عبيدة قال : [ قال رسول الله A حين بلغه رجوعهم والذي نفسي بيده لقد سومت لهم حجارة لو أصبحوا بها لكانوا كأمس الذاهب ] وقال الحسن البصري في قوله { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح } إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا [ فقال رسول الله A : إن أبا سفيان قد رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب فمن ينتدب في طلبه ؟ فقام النبي A وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وناس من أصحاب رسول الله A فاتبعوهم فبلغ أبا سفيان أن النبي A يطلبه فلقي عيرا من التجار فقال : ردوا محمدا ولكم من الجعل كذا وكذا وأخبروهم أني قد جمعت لهم جموعا وأني راجع إليهم فجاء التجار فأخبروا رسول الله A بذلك فقال النبي A حسبنا الله ونعم الوكيل ] فأنزل الله هذه الاية وهكذا قال عكرمة وقتادة وغير واحد : إن هذا السياق نزل في شأن حمراء الأسد وقيل : نزلت في بدر الموعد والصحيح الأول وقوله تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا } الاية أي الذين توعدهم الناس بالجموع وخوفوهم بكثرة الأعداء فما اكترثوا لذلك بل توكلوا على الله واستعانوا به { وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } قال البخاري : حدثنا أحمد بن يونس قال : أراه قال : حدثنا أبو بكر عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس { حسبنا الله ونعم الوكيل } قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد A حين قال لهم الناس : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل وقد رواه النسائي عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم وهارون بن عبد الله كلاهما عن يحيى بن أبي بكير عن أبي بكر وهو ابن عياش به والعجب أن الحاكم أبا عبد الله رواه من حديث أحمد بن يونس به ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ثم رواه البخاري عن أبي غسان مالك بن إسماعيل عن إسرائيل عن أبي حصين عن أبي الضحى عن ابن عباس قال : كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار : { حسبنا الله ونعم الوكيل } وقال عبد الرزاق : قال ابن عيينة : وأخبرني زكريا عن الشعبي عن عبد الله بن عمرو قال : هي كلمة إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار رواه ابن جرير وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن معمر حدثنا إبراهيم بن موسى الثوري حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن زياد السكري أنبأنا أبو بكر بن عياش عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن النبي A أنه قيل له يوم أحد : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فأنزل الله هذه الاية وروى أيضا بسنده عن محمد بن عبيد الله الرافعي عن أبيه عن جده أبي رافع : أن النبي A وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال : إن القوم قد جمعوا لكم فقالوا : { حسبنا الله ونعم الوكيل } فنزلت فيهم هذه الاية ثم قال ابن مردويه : حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا الحسن بن سفيان أنبأنا أبو خيثمة مصعب بن سعيد أنبأنا موسى بن أعين عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : [ قال رسول الله A : إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا : { حسبنا الله ونعم الوكيل } ] هذا حديث غريب من هذا الوجه ـ وقد قال الإمام أحمد : حدثنا حيوة بن شريح وإبراهيم بن أبي العباس قالا : حدثنا بقية حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن سيف عن عوف بن مالك أنه حدثهم [ أن النبي A قضى بين رجلين فقال : المقضي عليه لما أدبر : حسبي الله ونعم الوكيل فقال النبي A ردوا علي الرجل فقال : ما قلت ؟ قال : قلت : حسبي الله ونعم الوكيل فقال النبي A : إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس فإذا غلبك أمر فقل : حسبي الله ونعم الوكيل ] وكذا رواه أبو داود والنسائي من حديث بقية عن بحير عن خالد عن سيف وهو الشامي ولم ينسب عن عوف بن مالك عن النبي A بنحوه ـ وقال الإمام أحمد : حدثنا أسباط حدثنا مطرف عن عطية عن ابن عباس في قوله : { فإذا نقر في الناقور } قال : قال رسول الله A [ كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته يسمع متى يؤمر فينفخ ؟ فقال أصحاب رسول الله A فما نقول ؟ قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا ] وقد روي هذا من غير وجه وهو حديث جيد وروينا عن أم المؤمنين زينب وعائشة Bهما أنهما تفاخرتا فقالت زينب : زوجني الله وزوجكن أهاليكن وقالت عائشة : نزلت براءتي من السماء في القرآن فسلمت لها زينب ثم قالت : كيف قلت حين ركبت راحلة صفوان بن المعطل ؟ فقالت : قلت : حسبي الله ونعم الوكيل قالت زينب : قلت كلمة المؤمنين ولهذا قال تعالى : { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء } أي لما توكلوا على الله كفاهم ما أهمهم ورد عنهم بأس من أراد كيدهم فرجعوا إلى بلدهم { بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء } مما أضمر لهم عدوهم { واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } وقال البيهقي : حدثنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر بن داود الزاهد حدثنا محمد بن نعيم حدثنا بشر بن الحكم حدثنا مبشر بن عبد الله بن رزين حدثنا سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس في قول الله تعالى { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل } قال : النعمة أنهم سلموا والفضل أن عيرا مرت وكان في أيام الموسم فاشتراها رسول الله A فربح فيها مالا فقسمه بين أصحابه وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم } قال : هذا أبو سفيان قال لمحمد A موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا فقال محمد A [ عسى ] فانطلق رسول الله A لموعده حتى نزل بدرا فوافقوا السوق فيها فابتاعوا فذلك قول الله D : { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء } الاية قال : وهي غزوة بدر الصغرى رواه ابن جرير وروى أيضا عن القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج قال : لما عهد رسول الله A لموعد أبي سفيان فجعلوا يلقون المشركين فيسألونهم عن قريش فيقولون : قد جمعوا لكم يكيدونهم بذلك يريدون أن يرعبوهم فيقول المؤمنون : حسبنا الله ونعم الوكيل حتى قدموا بدرا فوجدوا أسواقها عافية لم ينازعهم فيها أحد قال : رجل من المشركين أخبر أهل مكة بخيل محمد وقال في ذلك : .
( نفرت قلوصي من خيول محمد ... وعجوة منثورة كالعنجد ) .
( واتخذت ماء قديد موعدي ... ) .
قال ابن جرير : هكذا أنشدنا القاسم وهو خطأ وإنما هو : .
( قد نفرت من رفقتي محمد ... وعجوة من يثرب كالعنجد ) .
( فهي على دين أبيها الأتلد ... قد جعلت ماء قديد موعدي ) .
( وماء ضجنان لها ضحى الغد ... ) .
ثم قال تعالى : { إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه } أي يخوفكم أولياءه ويوهمكم أنهم ذوو بأس وذوو شدة قال الله تعالى : { فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } أي إذا سول لكم وأوهمكم فتوكلوا علي والجأوا إلي فإني كافيكم وناصركم عليهم كما قال تعالى : { أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه } إلى قوله { قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون } وقال تعالى : { فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا } وقال تعالى : { أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } وقال تعالى { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز } وقال { ولينصرن الله من ينصره } وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم } الاية وقال تعالى : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار }