وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

155 - فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا .
- 156 - وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما .
- 157 - وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا .
- 158 - بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما .
- 159 - وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا .
وهذا من الذنوب التي ارتكبوها مما أوجب لعنتهم ورطدهم وإبعادهم عن الهدى وهو نقضهم المواثيق والعهود التي أخذت عليهم { وكفرهم بآيات الله } أي حججه وبراهينه والمعجزات التي شاهدوها على يد الأنبياء عليهم السلام قوله : { وقتلهم الأنبياء بغير حق } وذلك لكثرة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله فإنهم قتلوا جما غفيرا من الأنبياء عليهم السلام { وقولهم قلوبنا غلف } قال ابن عباس : أي في غطاء وهذا كقول المشركين : { وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه } الآية وقيل : معناه أنهم ادعوا أن قلوبهم غلف للعلم أي أوعية للعلم قد حوته وحصلته قال الله تعالى : { بل طبع الله عليها بكفرهم } فعلى القول الاول : كأنهم يعتذرون إليه بأن قلوبهم لا تعي ما يقول لأنها في غلف وفي أكنة قال الله بل هي مطبوع عليها بكفرهم وعلى القول الثاني : عكس عليهم ما ادعوه من كل وجه وقد تقدم الكلام على مثل هذا في سورة البقرة . { فلا يؤمنون إلا قليلا } أي تمرنت قلوبهم على الكفر والطغيان وقلة الإيمان { وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما } قال ابن عباس : يعني أنهم رموها بالزنا . قال السدي : والظاهر من الآية أنهم رموها وابنها بالعظائم فجعلوها زانية وقد حملت بولدها من ذلك . زاد بعضهم وهي حائض فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة وقوله : { إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله } أي هذا الذي يدعي لنفسه هذا المنصب قتلناه وهذا منهم من باب ( التهكم والاستهزاء ) كقول المشركين : { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } .
وكان من خبر اليهود عليهم لعائن الله وسخطه وغضبه وعقابه أنه لما بعث الله عيسى بن مريم بالبينات والهدى حسدوه على ما آتاه الله تعالى من النبوة والمعجزات الباهرات التي كان يبرىء بها الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ويصور من الطين طائرا ثم ينفخ فيه فيكون طائرا يشاهد طيرانه بإذن الله D إلى غير ذلك من المعجزات التي أكرمه الله بها أجراها على يديه ومع هذا كذبوه وخالفوه وسعوا في اذاه بكل ما أمكنهم حتى جعل نبي الله عيسى عليه السلام لا يساكنهم في بلده بل يكثر السياحة هو وأمه عليهما السلام ثم لم يقنعهم ذلك حتى سعوا إلى ملك دمشق في ذلك الزمان وكان رجلا مشركا من عبدة الكواكب وكان يقال لأهل ملته اليونان وأنهوا إليه أن في بيت المقدس رجلا يفتن الناس ويضلهم ويفسد على الملك رعاياه فغضب الملك من هذا وكتب إلى نائبه بالمقدس أن يحتاط على هذا المذكور وأن يصلبه ويضع الشوك على رأسه ويكف أذاه عن الناس فلما وصل الكتاب امتثل والي بيت المقدس ذلك وذهب هو طائفة من اليهود إلى المنزل الذي فيه عيسى عليه السلام وهو في جماعة من أصحابه اثني عشر أو ثلاثة عشر وقيل سبعة عشر نفرا - وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر ليلة السبت - فحصروه هنالك فلما أحس بهم وأنه لامحالة من دخولهم عليه أو خروجه إليهم - قال لأصحابه : أيكم يلقى عليه شبهي وهو رفيقي في الجنة ؟ فانتدب لذلك شاب منهم فكأنه استصغره عن ذلك فأعادها ثانية وثالثة وكل ذلك لا ينتدب إلا ذلك الشاب فقال : أنت هو وألقى الله عليه شبه عيسى حتى كأنه هو وفتحت روزنة من سقف البيت واخذت عيسى عليه السلام سنة من النوم فرفع إلى السماء وهو كذلك كما قال الله تعالى : { إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي } الآية فلما رفع خرج أولئك النفر فلما رأى أولئك ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى فأخذوه في الليل وصلبوه ووضعوا الشوك على رأسه وأظهر اليهود أنهم سعوا في صلبه وتبجحوا بذلك وسلم لهم طوائف من النصارى ذلك لجهلهم وقلة عقلهم ما عدا من كان في البيت مع المسيح فإنهم شاهدوا رفعه وأما الباقون فإنهم ظنوا - كما ظن اليهود - أن المصلوب هو المسيح بن مريم حتى ذكروا أن مريم جلست تحت ذلك المصلوب وبكت ويقال إنه خاطبها والله أعلم وهذا كله من امتحان الله عباده لما له في ذلك من الحكمة البالغة وقد أوضح الله الأمر وجلاه وبينه وأظهره في القرآن العظيم الذي أنزله على رسوله الكريم المؤيد المعجزات والبينات والدلائل الواضحات فقال تعالى وهو أصدق القائلين : { وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم } أي رأوا شهبه فظنوه إياه ولهذا قال : { وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن } يعني ذلك من ادعى أنه قتله من اليهود ومن سلمه إليهم من جهال النصارى كلهم في شك من ذلك وحيرة وضلال . ولهذا قال : { وما قتلوه يقينا } أي وما قتلوه متيقنين أنه هو بل شاكين متوهمين { بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا } أي منيع الجناب لا يرام جنابه ولا يضام من لاذ ببابه { حكيما } أي في جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور التي يخلقها وله الحكمة البالغة الحجة الدامغة والسلطان العظيم .
روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج على اصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين فخرج عليهم ورأسه يقطر ماء فقال : إن منكم من يكفر بي اثني عشرة مرة بعد أن آمن بي قال ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب من أحدثم سنا فقال له : اجلس ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب فقال : اجلس ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا فقال : هو أنت ذاك فألقي عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه فكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق فقالت فرقة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء وهؤلاء ( اليعقوبية ) وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه وهؤلاء ( النسطورية ) وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه الله إليه وهؤلاء ( المسلمون ) فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلّم ( قال الحافظ ابن كثير : هذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ) .
وروى ابن جرير عن ابن إسحاق قال : كان أسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليقتله رجلا منهم يقال له ( داود ) فلما أجمعوا لذلك منه لم يفظع عبد من عباد الله بالموت - فيما ذكر لي - فظعه ولم يجزع منه جزعه ولم يدع في صرفه عنه دعاءه حتى إنه ليقول فيما يزعمون : اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد من خلقك فاصرفها عني وحتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصد دما فدخل المدخل الذي أجمعوا أن يدخلوا عليه فيه ليقتلوه هو وأصحابه وهم ثلاثة عشر بعيسى عليه السلام فلما ايقن أنهم داخلون عليه قال لأصحابه من الحواريين - وكانوا اثني عشر رجلا سوى عيسى عليه السلام جحدته النصارى فجحدوه حين أقروا لليهود بصلب عيسى وكفروا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلّم من الخبر .
قال ابن إسحاق : وحدثني رجل كان نصرانيا فأسلم أن عيسى حين جاءه من الله إني رافعك إلي قال : يا معشر الحواريين أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة حتى يشبه للقوم في صورتي فيقتلوه في مكاني ؟ فقال ( سرجس ) : أنا يا روح الله قال : فاجلس في مجلسي فجلس فيه ورفع عيسى عليه السلام فدخلوا عليه فأخذوه فصلبوه فكان هو الذي صلبوه وشبه لهم به وكانت عدتهم حين دخلوا مع عيسى معلومة قد رأوهم فأحصوا عدتهم فلما دخلوا عليهم ليأخذوه وجدوا عيسى وأصحابه فيما يرون وفقدوا رجلا من العدة فهو الذي اختلفوا فيه وكانوا لا يعرفون عيسى جعلوا ل ( ليودس ركريا يوطا ) ثلاثين درهما على أن يدلهم عليه ويعرفهم إياه فقال لهم : إذا دخلتم عليه فإني سأقبله وهو الذي أقبل فخذوه فلما دخلوا وقد رفع عيسى ورأى سرجس في صورة عيسى فلم يشك أنه هو فأكب عليه فقبله فأخذوه فصلبوه ثم أن ( ليودس ركريا يوطا ) ندم على ما صنع فاختنق بحبل حتى قتل نفسه وهو ملعون في النصارى وقد كان أحد المعدودين من أصحابه وبعض النصارى يزعم أنه ( ليودس ركريا يوطا ) وهو الذي شبه لهم فصلبوه وهو يقول : إني لست بصاحبكم أنا الذي دللتكم عليه والله أعلم أي ذلك كان . وقال ابن جرير عن مجاهد : صلبوا رجلا شبه بعيسى ورفع الله D عيسى إلى السماء حيا واختار ابن جرير أن شبه عيسى ألقي على جميع أصحابه .
وقوله تعالى : { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا } قال ابن جرير : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم معنى ذلك : { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } يعني قبل موت عيسى يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال فتصير الملل كلها واحدة وهي ملة ( الإسلام الحنيفية ) دين إبراهيم عليه السلام . عن ابن عباس { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } قال : قبل موت عيسى بن مريم عليه السلام وقال أبو مالك في قوله : { إلا ليؤمنن به قبل موته } قال : ذلك عند نزول عيسى وقبل موت عيسى بن مريم عليه السلام لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به وقال : الحسن : قبل موت عيسى والله إنه لحي الآن عند الله ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون . قال ابن جرير وقال آخرون يعني بذلك { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به } بعيسى قبل موت صاحب الكتاب لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل في دينه . قال ابن عباس في الآية : لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى وعن مجاهد : كل صاحب كتاب يؤمن بعيسى قبل موته قبل موت صاحب الكتاب .
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } قال : هي في قراءة أبي ( قبل موتهم ) ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى قيل لابن عباس : أرأيت إن خر من فوق بيت ؟ قال : يتكلم به في الهوي قيل : أرأيت إن ضربت عنق أحدهم قال : يلجلج بها لسانه فهذه كلها أسانيد صحيحة إلى ابن عباس وكذا صح عن مجاهد وعكرمة وابن سيرين وبه يقول الضحاك وقال السدي وحكاه عن ابن عباس ونقل قراءة ( أبي بن كعب ) قبل موتهم . قال ابن جرير وقال آخرون معنى ذلك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلّم قبل موت الكتاب . قال عكرمة : لا يموت النصراني ولا اليهودي حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلّم .
ثم قال ابن جرير : وأولى هذه الأقوال بالصحة القول الأول وهو أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليه السلام إلا آمن به قبل موت عيسى عليه السلام . ولا شك أن هذا الذي قاله ابن جرير هو الصحيح لأنه المقصود من سياق الآية في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك فأختبر الله أنه لم يكن الأمر كذلك وإنما شبه لهم فقتلوا الشبه وهم لا يتبينون ذلك ثم إنه رفعه إليه وإنه باق حي وإنه سينزل قبل يوم القيامة كما دلت عليه الأحاديث المتواترة التي سنودرها إن شاء الله قريبا فيقتل مسيح الضلالة ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية يعني لا يقبلها من أحد من أهل الأديان بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف فأخبرت هذه الآية الكريمة أنه يؤمن به جميع أهل الكتاب حينئذ ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم ولهذا قال : { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } أي قبل موت عيسى عليه السلام الذي زعم اليهود ومن وافقهم من النصارى أنه قتل وصلب . { ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا } أي بأعمالهم التي شاهدها منهم قبل رفعه إلى السماء وبعد نزوله إلى الأرض فأما من فسر هذه الآية بأن المعنى أن كل كتابي لا يموت حتى يؤمن بعيسى أو بمحمد عليهما الصلاة والسلام فهذا هو الواقع وذلك أن كل أحد عند احتضاره ينجلي له ما كان جاهلا به فيؤمن به ولكن لا يكون ذلك إيمانا نافعا له إذا كان قد شاهد الملك كما قال تعالى في أول هذه السورة : { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن } الآية وقال تعالى : { فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين ... فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } الآية .
( ذكر الأحاديث الواردة في نزول ( عيسى بن مريم ) إلى الأرض من السماء في آخر الزمان .
( يتبع . . . )