من الأعمال الخالصة والنيات الصادقة ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة قال ابن عطاء دل سبحانه بهذا على إظهار جبروته وتمام قدرته وعظيم عزته ليتأهب العبد لذلك الموقف ويصلح سريرته وعلانيته لخطاب ذلك المشهد وجوابه وعرضوا على ربك صفا اخبار عن جميع بني آدم وإن كان المخاطب في قوله سبحانه بل زعمتم الخ بعضهم ذكر أنه يعرض كل صنف صفا وقيل الانبياء عليهم السلام صف والأولياء صف وسائر المؤمنين صف والمنافقون والكافرون صف وهم آخر الصفوف فيقال لهم لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة على وصف الفطرة الأولية عاجزين منقطعين إليه سبحانه ووضع الكتاب أي الكتب فيوضع كتاب الطاعات للزهاد والعباد وكتاب الطاعات والمعاصي للعموم وكتاب المحبة والشوق والعشق للخصوص ولبعضهم ... . وأودعت الفؤاد كتاب شوق ... سينشر طيه يوم الحساب ... .
ووجدوا ما عملوا حاضرا قال أبو حفص أشد آية في القرآن على قلبي هذه الآية ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم قيل أي ما أشهدتهم أسرار ذلك والدقائق المودعة فيه وإنما أشهد سبحانه ذلك أحباءه وأولياءه وكان الإنسان أكثر شيء جدلا لأنه مظهر الأسماء المختلفة والعالم الأصغر الذي انطوى فيه العالم الأكبر هذا والله تعالى أعلم بأسرار كتابه وإذ قال موسى هو ابن عمران نبي بني إسرائيل عليه السلام على الصحيح فقد أخرج الشيخان والترمذي والنسائي وجماعة من طريق سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس رضي الله تعالى عنهما إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل فقال كذب عدو الله ثم ذكر حديثا طويلا فيه الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بما هو نص في أنه موسى بني إسرائيل وإلى إنكار ذلك ذهب أيضا أهل الكتاب وتبعهم من تبعهم من المحدثين والمؤرخين وزعموا أن موسى هنا هو موسى بن ميشا بالمعجمة ابن يوسف بن يعقوب وقيل موسى بن افراثيم بن يوسف وهو موسى الأول قيل وإنما أنكره أهل الكتاب لإنكارهم تعلم النبي من غيره وأجيب بالتزام أن التعلم من نبي ولا غضاضة في تعلم نبي من نبي وتعقب بأنه ولو التزموا ذلك وسلموا نبوة الخضر عليه السلام لا يسلمون أنه موسى بن عمران لأنهم لا تسمح أنفسهم بالقول بتعلم نبيهم الافضل ممن ليس مثله في الفضل فان الخضر عليه السلام على القول بنبوته بل القول برسالته لم يبلغ درجة موسى عليه السلام وقال بعض المحققين ليس إنكارهم لمجرد ذلك بل لذلك ولقولهم إن موسى عليه السلام بعد الخروج من مصر حصل هو وقومه في التيه وتوفي فيه ولم يخرج قومه منه إلا بعد وفاته والقصة تقتضي خروجه عليه السلام من التيه لأنها لم تكن وهو في مصر بالاجماع وتقتضي أيضا الغيبة أياما ولو وقعت لعلمها كثير من بني إسرائيل الذين كانوا معه ولو علمت لنقلت لتضمنها أمرا غريبا تتوفر الدواعي على نقله فحيث لم يكن لم تكن وأجيب بأن عدم سماح نفوسهم