أن يرسيها قال : بسم الله فترسو وإما في موضع الحال من ضمير الفلك أي إاركبوا فيها مجراة ومرساة باسم الله وهي حال مقدرة إذ لا إجراء ولا إرساء وقت الركوب كذا قيل وتعقبه في التقريب بأن الحال إنما تكون مقدرة إذا كانت مفردة كمجراة أما إذا كانت جملة فلا لأن معنى إركبوا وإجراؤها بسم الله وهذا واقع حال الركوب إنتهى وأجاب عنه في الكشف بأنه لا فرق بين قوله تعالى : ادخلوها خالدين وقول القائل : إدخلوها وأنتم مخلدون في عدم المقارنة والرجوع إلى الحال المقدرة فكذلك ما نحن فيه وإعترض على المجيب بأن مراد ذلك القائل إجراؤها مجرى المفرد على نحو كلمته فوه إلي في بأنه تكلف لا حاجة إليه وهو غير مسلم في المستشهد به أيضا وإنما ذلك في قول القائل كلمته فاه إلى في إنتهى وكأنه لم ينكشف له مراد صاحب التقريب فإنهم ذكروا أن الفرق بين الحال إذا كانت مفردة وإذا كانت جملة أن الثانية تقتضي التحقق في نفسها والتلبس بها وربما أشعرت بوقوعها قبل العامل وإستمرارها معه كما إذا قلت : جاءني وهو راكب فإنه يقتضي تلبسه بالركوب وإستمراره عليه وهذا ينافي كونها منتظرة ولا أقل من أن لا يحسن الحمل عليه حيث تيسر الإفراد فافهم وجوز أن تكون حالا مقدرة أيضا من فاعل اركبوا وإعترض بأنه لا عائد على ذي الحال وضمير بسم الله للمبتدأ وتقديره أي فإجراؤها معكم أو بكم كائن بسم الله تكلف والقول بأن الرضي قد ذكر أن الجملة الحالية إذا كانت إسمية قد تخلو من الرابطين عند ظهور الملابسة نحو خرجت زيد على الباب ليس بشيء لضعف ما ذكر في العربية فلا ينبغي التخريج عليه نعم كون الإسمية لابد فيها من الواو والقول بأن الحال المقدرة لا تكون جملة مطلقها كل منهما في حيز المنع كما لا يخفى وجوز أن يكون الإسم مقحما كما في قول لبيد : فقوما وقولا بالذي قد عرفتما ولا تخمشا وجها ولا تحلقا الشعر إلى الحول ثم إسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد إعتذر ويراد بالله إجراؤها وإرسالها أي بقدرته أو بأمره أو بإذنه ويقدر ذلك أو يراد معنى وخص بعضهم هذا الجواز بما إذا لم يقدر مسمين أو قائلين إذ لا يظهر المعنى حينئذ ويجري على تقديري الكلام الواحد والكلامين وكذا على تقدير الزمان والمكان في رأى ويعتبر الإسناد مجازيا من قبيل نهاره صائم وطريق بر .
وقرأ مجراها ومرساها بفتح الميم مصدرين أو زمانين أو مكانين على أنهما من جرى ورسا الثلاثيين وقرأ مجاهد مجريها ومرسيها بصيغة إسم الفاعل وخرج ذلك أبو البقاء على أنهما صفتان للأسم الجليل وقيل عليه : إن إضافة إسم الفاعل إذا كان بمعنى المستقبل لفظية فهو نكرة لا يصح توصيف المعرفة به فالحق البدلية والقول بأن مراد المعرب الصفة المعنوية لا النعت النحوي فلا ينافي البدلية بعيد لكن عن الخليل إن ما كانت إضافته غير محضة قد يصح أن تجعل محضة فتعرف إلا ما كان من الصفة المشبهة فلا تتمحض إضافتها فلا تعرف والرسو الثبوت والإستقرار ومنه قول الشاعر : فصبرت نفسا عند ذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع إن ربي لغفور رحيم .
41 .
- قيل : الجملة مستأنفة لبيان الموجب أي لو لا مغفرته لفرطانكم ورحمته إياكم لما نجاكم من هذه الطامة إيمانكم وفيه دلالة على أن نجاتهم لم تكن عن إستحقاق بسبب أنهم كانوا مؤمنين بل بمحض رحمة الله تعالى وغفرانه على ما عليه أهل السنة ومنع صلاحية كونها علة لإركبوا لعدم المناسبة