وبطلان الإشراك ولم يعطف إيذانا بإستقلاله في إثبات المطلوب والسؤال للتبكيت والإلزام وجعل سبحانه الإعادة لسطوع البراهين القائمة عليها بمنزلة البدء في إلزامهم ولم يبال بإنكارهم لها لأنهم مكابرون فيه والمكابر لا يلتفت إليه فلا يقال : إن مثل هذا الإحتجاج إنما يتأتى على من إعترف بأن من خواص الإلهية بدء الخلق ثم إعادته ليلزم من نفيه عن الشركاء نفي الإلهية وهم غير مقرين بذلك ففي الآية الإشارة إلى أن الإعادة أمر مكشوف ظاهر بلغ في الظهور والجلاء بحيث يصح أن يثبت فيه دعوى أخرى وجعل ذلك الطيبي من صنعة الإدماج كقول ابن نباتة : فلا بد لي من جهلة في وصاله فمن لي بخل أودع الحلم عنده فقد ضمن الغزل الفخر بكونه حليما والفخر شكاية الإخوان قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده قيل هو أمر له صلى الله عليه وسلّم بأن يبين لهم من يفعل ذلك أي قل لهم الله سبحانه هو يفعلهما لا غيره كائنا ما كان لا بأن ينوب E عنهم في الجواب كما قاله غير واحد لأن القول المأمور به غير لما أريد منهم من الجواب وإن كان مستلزما له إذ ليس المسؤول عنه من يبدأ الخلق ثم يعيده كما في قوله سبحانه : قل من رب السموات والأرض قل الله حتى يكون القول المأمور به عين الجواب الذي أريد منهم ويكون A نائبا عنهم في ذلك بل إنما هو وجود من يفعل البدء والإعادة من شركائهم فالجواب المطلوب منهم لا لاغير نعم أمر A بأن يضمنه مقالته إيذانا بتعينه وتحتمه وإشعارا بأنهم لا يجترئون على التصريح به مخافة التبكيت والقام الحجر لا مكابرة ولجاجا إنتهى وقد يقال : المراد من قوله سبحانه : هل من شركائكم إلخ هل المبدىء المعيد الله أم الشركاء والمراد من قول سبحانه جل شأنه : الله إلخ الله يبدأ ويعيد لا غيره من الشركاء وحينئذ ينتظم السؤال والجواب وإنفهام الحصر بدلالة الفحوى فإنك إذا قلت : من يهب الألوف زيد أم عمر فقيل : زيد يهب الألوف أفادا الحصر بلا شبهة .
وبما ذكر يعلم مافي الكلام السابق في الرد على ما قاله الجمع وكذا رد ما قاله القطب من أن هذا لا يصلح جوابا عن ذلك السؤال لأن السؤال عن الشركاء وهذا الكلام في الله تعالى بل هو إستدلال على إلهيته تعالى وإنه الذي يستحق العبادة بأنه المبدىء المعيد بعد الإستدلال على نفي إلهية الشركاء فتأمل وفي إعادة الجملة في الجواب بتمامها غير محذوفة الخبر كما في الجواب السابق لمزيد التأكيد والتحقيق فأنى تؤفكون 34 الإفك الصرف والقلب عن الشيء يقال : أفكه عن الشيء يأفكه أفكا إذا قلبه عنه وصرفه ومنه قول عروة بن أذينة : إن تك عن أحسن الصنيعة مأ فوكا ففي آخرين قد أفكوا وقد يخص كما في القاموس بالقلب عن الرأي ولعله الأنسب بالمقام أي كيف تقلبون من الحق إلى الباطل والكلام فيه كما تقدم في فأنى تصرفون قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق إحتجاج آخر على ما ذكر جيء به إلزاما غب إلزام وإفحاما إثر إفحام وفصله إيذانا بفضله وإستقلاله في إثبات المطلوب كما في سابقه .
والمراد هل من يهدي إلى الحق بإعطاء العقل وبعثة الرسل وإنزال الكتب والتوفيق إلى النظر والتدبر بما نصب في الآفاق والأنفس إلى غير ذلك ألله سبحانه أم الشركاء ومنهم من يبقى الكلام على ما يتبادر منه كما سمعت فيما قبل ومن الناس من خصص طريق الهداية والتعميم أوفق بما يقتضيه المقام من كمال التبكيت والإلزام كما لا يخفى قل الله يهدي للحق أي هو سبحانه يهدي له دون غيره جل شأنه والكلام في