ثلاثة عقود على قيادة السيّد حسن نصرالله
أين أصبح حزب الله؟
ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي تقريراً يعرض أهمّ المراحل خلال مسيرة حزب الله في لبنان والعقود الثلاثة التي تولّى فيها سماحة السيّد حسن نصر الله الأمانة العامّة للحزب، بدءاً من اجتياح إسرائيل لبنان عام 1982 وتأسيس الحزب ومروراً بتحرير عام 2000 و2006 ووصولاً إلى كسر الحصار الاقتصادي الأمريكيّ الجائر على لبنان عبر استجلاب بواخر النّفط الإيرانيّة.
يُصادف إحياء حزب الله لذكرى الشهداء القادة هذا العام مرور 30 سنّة على تولي السيد حسن نصرالله الأمانة العامة لحزب الله، ليكون هذا الحزب بعد أشهر على موعد مع الذكرى الأربعين لانطلاقته في العام 1982. نجح السيد نصرالله في تحويل هذا الحزب من قوة عسكرية متواضعة إلى قوّة إقليمية لا يمكن تجاهلها. فيما يلي يعرض هذا التقرير مسار حزب الله خلال الـ«الأربعون ربيعاً».
اجتياح 82
لا شكّ أن المقاومة كفكر وثقافة ووجود في لبنان سابقة على اجتياح 1982. منطقة جبل عامل التي لطالما كانت منبعاً للعلماء الأعلام كالشهيد الأول والشهيد الثاني وغيرهم، هي أيضاً عنوان للمقاومة لعدّة قرون بدءاً من الشهيد الشيخ ناصيف النصار العاملي عام 1771 ضد الاحتلال العثماني، مروراً بالسيد عبد الحسين شرف الدين ضد الاحتلالين العثماني والفرنسي، وصولاً إلى السيّد موسى الصدر الذي أسس تنظيم المقاومة المسلّحة، أفواج المقاومة اللبنانية (أمل)، ضد الكيان الإسرائيلي بالتعاون مع الشهيد مصطفى شمران.
ورغم أن الاجتياح الإسرائيلي في حزيران عام 1982 قد شكّل علامة فارقة في التاريخ اللبناني الحديث، إلا أنّ الإرهاب الإسرائيلي لم يكن وليد هذا الاجتياح بل يعود إلى نشأته عام 1948 حيث ارتكب عشرات المجازر بحقّ المواطنين اللبنانيين العزّل بين عامي 1948 و1982 من بينها مجزرة مسجد صلحا عام 1948، وحولا 1949 وحانين 1967 وعشرات المجازر الأخرى.
لكنّ اجتياح 1982 "يختلف عن الاجتياحات الإسرائيلية السابقة المحدودة، وعن كل اعتداءات "إسرائيل" على لبنان منذ قيام هذا الكيان الغاصب... ميزة اجتياح 1982 أنه شكل أكبر تهديد وتحدّي للبنان وشعبه، تهديد وتحدي تاريخي واستثنائي"، كما يقول السيد نصرالله. هذا التهديد الاستثنائي أفرز مقاومة شعبيّة واسعة كانت أبرز معاركها في خلدة، وكان أيضاً من أبرز مفاعليه ظهور مقاومة إسلامية، إلى جانب الحركات والقوى الوطنية الأخرى، سيكون لها لاحقاً الدور الأكبر في الحفاظ على هوية لبنان المقاوم، وتحرير أراضيه.
حزب الله: حكاية التأسيس
في حزيران من العام 1982، وبتوجيه من قائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني (قده)، استضافت طهران مؤتمر الحركات التحررية في العالم. تواترت الأنباء عن تحركات عسكرية إسرائيلية جنوب لبنان مع انعقاد المؤتمر، ثم ما لبث أن اتضحت الأمور: الكيان الإسرائيلي يجتاح لبنان. تحوّل المؤتمر في طهران الذي كان يشارك فيه كل من العلامة السيد محمد حسين فضل الله، والسيد عباس الموسوي والشيخ محمد مهدي شمس الدين وثلة من العلماء اللبنانيين إلى ساحة نقاش حول سبل مواجهة العدوان الإسرائيلي. بعد إرسال وفد عسكري إيراني إلى سوريا للقاء الرئيس حافظ الأسد ضم قائد الحرس الثوري محسن رضائي وقائد القوات البرية في الجيش الإيراني صياد شيرازي ووزير الدفاع الإيراني العقيد محمد سليمي، توصّل الطرفان إلى تفاهم حول إسناد الحرس الثوري مهمّة تدريب قوات شعبية في لبنان لمواجهة العدوان الإسرائيلي، لتستقر وحدة من الحرس الثوري في مدينة بعلبك. أدّى دخول الحرس الثوري إلى تغيير المزاج الشعبي العام الذي كان منهاراً عشيّة الاحتلال، وبدأ الشباب اللبناني بتقديم طلبات للتدريب العسكري، فبلغ عدد المتطوعين 180 في طليعتهم السيّد عباس الموسوي الذي أصبح فيما بعد أميناً عاماً لحزب الله.
اختطاف السيّد موسى الصدر عام 1978 من جهة، وانتصار الثورة الإسلامية في إيران من جهة ثانية، والاجتياح الإسرائيلي من جهة ثالثة، قد شكّلت أضلاع المثلث في تعزيز الاتجاه الإسلامي، وتبنّي فكرة ولاية الفقيه وبالتالي مبايعة الإمام الخميني (قده).
في صيف العام 1982، تجتمع مجموعات إسلامية في مدرسة الإمام المنتظر في بعلبك بضيافة السيّد عباس الموسوي، ويتفق المجتمعون على تأسيس حركة إسلامية وبعدها يتمّ انتداب ممثلين للسفر إلى طهران وطلب دعم الإمام الخميني (قده). التقى الوفد المؤسس لحزب الله بالإمام الذي بارك تأسيس هذه الحركة الجهادية ومما قاله للوفد عند مبايعته: " لا تعتمدوا على أحد.. ولا تنتظروا عوناً من أحد.. النصر معقود في راياتكم ونواصيكم برغم صعوبة الظروف".
بدأت المقاومة عملها الجهادي ونفّذت جملة من العمليات النوعية أبرزها عملية الاستشهادي أحمد قصير التي أدّت إلى مقتل مئات الجنود والضباط الإسرائيليين في مدينة صور، والتي سيتّضح بعد عقود أن العقل المدبّر لها هو القائد الجهادي الكبير الحاج عماد معنيّة. بالتوازي، كان الشيخ راغب حرب الذي أعلن مبايعة الإمام الخميني يقود ثورة شعبيّة ضد الاحتلال الإسرائيلي في جبشيت رافضاً مصافحة ضابط الاحتلال ليشكل عقبة أمام الكيان الإسرائيلي الذي سيعمد إلى اغتياله في العام 1984.
في الذكرى السنويّة الأولى لاستشهاد الشيخ راغب حرب، وتحديداً في 16 شباط 1985، يُطلق حزب الله هويته معلناً في مؤتمر صحفي وثيقته السياسية الأولى بعنوان «الرسالة المفتوحة إلى المستضعفين»، وهي عبارة عن كتيّب من 48 صفحة، أعلن فيها الحزب هويّته واستراتيجيته. يُنتخب الشيخ صبحي الطفيلي كأول أمين عام لحزب الله في العام 1989، بعد أن كان السيد إبراهيم أمين السيّد هو الناطق الرسمي باسم الحزب. العام 1990 شكّل مرحلة جديدة في تاريخ الحزب الذي عقد مؤتمره التنظيمي الأول في ظل بروز متغيرات داخلية أرست نظاماً سياسياً جديداً وذلك إثر انتهاء الحرب الأهلية التي دامت لمدّة 15 عام في هذا البلد، ويُسجّل لحزب الله أنّه كان الحزب الوحيد الذي لم يشارك فيها. في ربيع العام 1991، يقرر حزب الله المشاركة في الانتخابات النيابية الأولى بعد انتهاء الحرب الأهلية، وتنتخب شورى حزب الله السيد عباس الموسوي أميناً عاماً.
السيد نصرالله: سنكمل درب السيّد عباس
بعد أقل من عام على انتخابه أميناً عاماً، يغتال العدو الإسرائيلي السيد عباس الموسوي في منطقة تفاحتا الجنوبية بواسطة طائرات مروحية أثناء عودته من إحياء الذكرى السنوية لاستشهاد الشيخ راغب حرب ليُعين السيد نصرالله أميناً عاماً لحزب الله، الشخصية التي ستشكّل كابوساً مروّعاً للكيان الصهيوني.
وفي أوّل خطاب له بعد شهادة السيّد عباس، يؤكد السيد نصرالله خلال تشييع سيد شهداء المقاومة الإسلامية استمرار المقاومة وعدم التراجع أو الهوان قائلًا: "هذا الطريق سنكمله ولو استشهدنا جميعًا، ولو دمّرت البيوت على رؤوسنا سنكمل المسيرة ولن نتخلى عن خيار المقاومة الإسلامية". كذلك، يجدد السيّد نصرالله في هذا الخطاب عهد السيّد عباس قائلاً: وأخيرًا أقول وأؤكد لكم أن المستقبل هو مستقبل المقاومة لا مستقبل المفاوضات، وما زلنا في عصر الإسلام والمقاومة كما شاء الله والقائد الخامنئي أن يسمي هذا العصر، ليس عصر أمريكا بل عصر الخميني. نعاهد إمامنا الحجة(عج) والإمام الخميني(قده) وأميننا العام الشهيد في كل يوم أننا سوف نكمل الدرب وستعلم "إسرائيل" أنها ارتكبت أكبر حماقة في تاريخها عندما أقدمت على اغتيال السيد عباس الموسوي.
شكّلت شهادة السيّد عباس منعطفاً هاماً في العمل الجهادي حيث أطلقت المقاومة الإسلامية للمرّة الأولى في تاريخها نحو مئتي صاروخ كاتيوشا على المستعمرات في شمال فلسطين المحتلّة ردّاً على عملية الاغتيال، ليكون الكاتيوشا عنواناً لأولى معادلات الردع التي أطلقها السيد نصرالله، هذه المعادلات التي سيعززها السيّد نصرالله لاحقاً بجملة من المعادلات العسكرية، وغير العسكرية من جملتها: بيروت مقابل تل أبيب، الضاحية مقابل تل أبيب، معادلة الأمونيا، والصواريخ الدقيقة وغيرها من معادلات الردع.
الإمام الخامنئي للسيّد نصرالله: أحببناك دائماً من أعماق قلوبنا ونراك جديراً
بعد أيام على تعيينه أميناً عاماً، يتوجّه السيّد نصرالله مع شورى حزب الله إلى الجمهورية الإسلامية للقاء سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) الذي توجّه إلى السيد نصرالله قائلاً: تقع هذه المسؤولية اليوم على عاتقك، يا أخانا العزيز، السيد حسن نصرالله. نحن ننظر إليك بالعين نفسها [التي كنّا ننظر فيها إلى الشهيد السيّد عباس الموسوي] وقد أحببناك دائماً من أعماق قلوبنا ونراك جديراً. نشكر الله على هذا الاختيار الجيّد ونقول بأخوّة إن عبء المسؤولية ثقيل جداً.
يكمل السيّد نصرالله مع إخوانه المجاهدين درب السيد عباس والشهداء، وينجح حزب الله في كسر العدو الإسرائيلي في عدواني تموز 1993 ونيسان 1996 ليخرج مرفوع الرأس، ويُسجل في العام 1997 مفخرةً أخرى تمثّلت بشهادة نجله هادي.
العام 1998، شكّل مفصلاً جديداً في تاريخ المقاومة وذلك إثر تسلّم الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني قيادة قوّة القدس. يروي مجاهدو المقاومة الإسلاميّة أن قيادة الحاج قاسم لقوّة القدس قد انعكست سريعاً على العمليات التي كانوا ينفذونها ضد الكيان الإسرائيلي كمّاً ونوعاً. تعزّزت العلاقة بين الحاج قاسم وقيادة حزب الله بشكل عام، والسيد نصرالله على وجه الخصوص، لتتعزز معها أيضاً قدرات حزب الله العسكرية على الصعد كافّة. هذه الأخوّة الجهادية ظهرت بأبهى صورها في عدوان تموز 2006 حيث أصر الحاج قاسم على الحضور والبقاء طوال فترة الحرب إلى جانب السيد نصرالله والحاج عماد مغنية في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
يواصل حزب الله في العامين 1999 و2000 مراكمة انتصاراته العسكرية من ناحية وتعزيز قدراته النوعية من ناحية أخرى. وقبل الانسحاب الإسرائيلي من لبنان بعدّة أشهر يتوجّه السيد نصرالله مع شورى حزب الله بالإضافة إلى ما يقارب 50 من المسؤولين الجهاديّين والقادة العسكريّين إلى طهران للقاء المسؤولين وسماحة الإمام الخامنئي. يقول السيّد نصرالله عن ذلك اللقاء: "نحن كان تقييمنا أن إسرائيل لن تنسحب عام 2000، ولم نكن جازمين لكن كنا نستبعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000. لأنّ إسرائيل من الصعب أن تنسحب بلا قيد وبلا شرط. فقلنا لسماحة السيد القائد: نحن نستبعد ذلك والإسرائيلي يبدو أنه سيبقى ونحن نحتاج إلى مزيد من الوقت ومن العمليّات لنفرض عليه في المستقبل أن يخرج بلا قيد وبلا شرط. قال: لماذا تستبعدون؟ قلنا: لأنّ هذا سيشكّل خطراً كبيراً على "إسرائيل"، الانسحاب بلا قيد أو شرط من جنوب لبنان يعني انتصاراً واضحاً للمقاومة، وهذا سيكون أوّل انتصار عربي كامل وواضح وستكون له تأثيرات على داخل فلسطين والشعب الفلسطيني وهذا يشكّل تهديداً استراتيجيّاً لإسرائيل ورسالة للشعب الفلسطيني أن الطريق هو المقاومة وليس المفاوضات. المفاوضات سلبت منكم أرضكم ومقدساتكم، المقاومة في لبنان حررت لبنان وجنوب لبنان. سماحة السيد القائد قال: أنا أقترح عليكم أن تبنوا جديّاً على أن إسرائيل ستخرج وأنّكم ستنتصرون ورتّبوا أموركم، إجلسوا وخطّطوا وحدّدوا مسبقاً كيف تتعاملون عسكريّاً، ميدانيّاً، إعلاميّاً وسياسيّاً مع الانسحاب الإسرائيلي إلى الحدود الدوليّة. من جملة ما قاله سماحته في ذلك اللقاء إلى المجاهدين: أنتم ستنتصرون إن شاء الله، ونصركم قريبٌ جدّاً جدّاً جدّاً وأقرب ممّا يظنّه البعض، وأشار إليّ. وبالفعل كان سماحة الإمام الخامنئي أوّل المباركين لحزب الله حيث بعث برسالة التهنئة في 24 أيار 2000، أي حتى قبل يوم إعلان التحرير أيضاً، والذي تمّ في 25 أيار 2000".
تحرير جنوب لبنان: مرحلة جديدة بقيادة السيد نصرالله
شكّل انتصار العام 2000 بقيادة السيّد نصرالله أولى الهزائم التاريخية للكيان الإسرائيلي الذي وصفه السيّد نصرالله في خطاب الانتصار من مدينة بنت جبيل المحرّرة بـ"أوهن من بيت العنكبوت"، والذي ما لبث أن انعكس ناراً وشنّاراً على الكيان الإسرائيلي في فلسطين المحتلّة حيث ستندلع أولى الانتفاضات. حزب الله بات أمام واقع جديد سياسياً وعسكرياً، محلّياً وإقليمياً. اعتقد البعض أن تحرير جنوب لبنان عام 2000 يعني نهاية دور حزب الله، وهذا ما عمل عليه الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك. لكنّ هذا الانتصار بقيادة السيّد نصرالله مثّل ولادة جديدة للحزب سواء على المستوى الداخلي حيث عمد إلى تعزيز مؤسساته الاجتماعية ودوره السياسي، أو في مواجهة الكيان الإسرائيلي. عمد السيد نصرالله إلى وضع ثلاثة أهداف رئيسية بعد عام 2000. الأول تعزيز قدرات حزب الله كمّاً ونوعاً لردع الكيان الإسرائيلي وتحرير ما تبقى من الأراضي اللبناني. ثانياً دعم المقاومة الفلسطينية. وثالثاً تحرير كافّة الأسرى. كان العام 2004 موعداً لتحرير الجزء الأكبر من الأسرى من بينهم الشيخ عبد الكريم عبيد والحاج مصطفى الديراني. في 12 تموز 2006، شكلت عملية الوعد الصادق مفصلاً جديداً، ليس لتحرير كافّة الأسرى اللبنانيين من سجون الاحتلال ومن بينهم الشهيد سمير القنطار، بل لتحقيق نصر إلهي حوّل حزب الله من قوّة محليّة إلى قوّة إقليمية. السيد نصرالله أشار إلى أن الإمام الخامنئي قد أخبره عبر الرسالة التي نقلها الحاج قاسم سليماني في حرب تموز: "أنتم ستنتصرون في هذه الحرب وستصبحون بعدها قوّة إقليميّة، لن تستطيع أيّ قوّة في المنطقة أن تقف في وجهكم". وبالفعل، أسّست هذه الحرب لشرق أوسط جديد، ولكن ليس ذلك الذي تحدّثت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس، بل على العكس تماماً.
انتهت حرب تموز بنصر إلهي شكّل ثاني الهزائم الكبرى للكيان الإسرائيلي في تاريخه، ليراكم السيّد نصرالله انتصاراً جديداً للمقاومة محلياً، إقليمياً ودولياً حيث بات أحد أبرز الرموز العربية والإسلامية للمقاومة.
أدرك الأمريكي الواقع الجديد بعد حرب الـ33 يوماً، ليعمد إلى استخدام الوجه الآخر لعملة الإرهاب، أي الوجه التكفيري بدلاً من الإسرائيلي. كان العام 2011 فصلاً جديداً من فصول القيادة النوعية للسيد نصرالله، ليس لحزب الله فحسب بل للعديد من حركات المقاومة. كان حزب الله من أوائل المشاركين في مواجهة الإرهاب التكفيري في سوريا والعراق، وقد نجح السيد نصرالله والحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس في قيادة هذا المشروع الذي سيشكّل هزيمة كبرى للمشروع الأمريكي في المنطقة.
الهزيمة الجديدة للمشروع الأمريكي دفعت بواشنطن للانتقال إلى نوع جديد من الحرب مع حزب الله مستخدمةً العنوانين الاقتصادي والإعلامي، عبر فرض العقوبات الاقتصادية والحصار من جهة، والتشهير الإعلامي والوضع على قوائم الإرهاب من جهة أخرى. السيد نصرالله نجح في كسر هذا الحصار مجدداً سواءً عبر بواخر النفط المُرسلة من الجمهورية الإسلامية، أو عبر سلسلة التقديمات الاجتماعية التي تعمد إليها مؤسسات حزب الله الاجتماعيّة.
اليوم، وبعد مضيّ 30 عام على تولّي السيد نصرالله لقيادة حزب الله، بات هذا الحزب أكبر وأقدر على كافّة الصعد، فالمجاهدون الذين لم يكن يتجاوز عددهم بضع مئات في بداية التسعينيات من القرن الماضي، باتوا اليوم أكثر من 100 ألف مقاتل. لا شكّ أن قيادة السيد نصرالله خلال هذه المرحلة قيادةٌ استثنائية، ولعل أحد أبرز أسبابها، إضافةً إلى الحكمة والبصيرة والوعي السياسي، هو الإخلاص، كما قال الحاج قاسم سليماني في معرض ردّه على أسئلة مجاهدي حزب الله في سوريا: كلّ وجوده إخلاص.