انتقادات بالنمسا لوزيرة هاجمت المسلمين

انتقادات بالنمسا لوزيرة هاجمت المسلمين

أثارت تصريحات وزيرة الداخلية النمساوية ليزي بروكوب حول نتائج استطلاع حكومي أظهر رفض 45% من المسلمين الاندماج في المجتمع النمساوي عاصفة من الانتقادات من جانب معارضين وقياديين مسلمين.
ففي تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" اليوم الثلاثاء 16-5-2006، شكك عمر الراوي مسئول ملف الاندماج بالهيئة الدينية الإسلامية، الممثل الرسمي للأقلية المسلمة، في إمكانية أن يرفض 45% من المسلمين الاندماج.
وقال: "لا يمكن أن يكون صحيحًا بالمرة أن 45% من المسلمين غير راغبين في الاندماج.. فالنشاطات والفعاليات المستمرة التي تنظمها المساجد والمؤسسات الإسلامية تشير إلى عكس ذلك تماما.. وهنا يجب أن نفهم ما إذا كانت الوزيرة تقصد اندماجا أم ذوبانا داخل المجتمع".
واستشهد الراوي في تفنيده لتصريحات بروكوب ببيان "مؤتمر الأئمة والمرشدات الدينيات بأوربا"، الذي استضافته فيينا في إبريل الماضي، حيث أكد الأئمة خلاله ضرورة تعلم المسلمين لغات البلاد التي يعيشون فيها لتسهيل اندماجهم.
وأكد مسئول ملف الاندماج أن "للأئمة دورا هاما في توصيل أفكار الاندماج الإيجابي لأبناء الأقليات، غير أن قوانين التجنس التي بدأ العمل بها في النمسا مؤخرا تضع العراقيل أمام ممارسة الأئمة لهذا الدور".
وأبدى الراوي استيائه الشديد من مصطلح "قنبلة موقوتة" الذي استخدمته وزيرة الداخلية، قائلاً: "يجب الابتعاد عن استخدام مثل هذه الكلمات التي تزيد من تنامي ظاهرة معاداة الإسلام.. فمصطلح كهذا يعد لعبا بالنار؛ لكونه يشير إلى أن المسلمين يشكلون خطرًا على النمسا من الناحية الأمنية".

دعاية لحزب الشعب
ولم يقتصر توجيه الانتقادات لتصريحات بروكوب على القياديين المسلمين، حيث رأى فيها معارضون دعاية لحزب الشعب، الذي تنتمي له وزيرة الداخلية، وهو الشريك الأكبر في الائتلاف الحاكم.
ففي تصريحات صحفية الاثنين 15-5-2006، اعتبرت سونيا فيسيلي مفوضة شئون الاندماج بمدينة فيينا (عن الحزب الاشتراكي) أن "مثل هذه التصريحات لا تمثل فقط إهانة للمسلمين، بل تشير أيضًا إلى محاولات وزارة الداخلية التهرب من فشل سياستها تجاه الأجانب بالبلاد".
واتهمت فيسيلي بروكوب بالفشل في تحقيق سياسة متوازنة لاندماج الأجانب داخل المجتمع النمساوي.
وقالت: "ليس من المقبول وضع جميع المسلمين في سلة اتهامات واحدة"، مؤكدة أن "تعاون مسلمي فيينا وقدرتهم على الاندماج ينفيان تماما ما قالته الوزيرة".
ومن حزب الخضر، وصفت أليف كورون المتحدثة باسم شئون الاندماج في فيينا تصريحات وزيرة الداخلية بأنها "مثيرة للقلق، وتدل على عدم المسئولية، وتنم عن إهانة موجهة للمسلمين في النمسا". كما اعتبرتها دعاية لحزبها "الشعب" من أجل اجتذاب المتخوفين من الأقليات الدينية. واتفقت معها تيرتسيا ستويستس مسئولة حقوق الإنسان بحزب الخضر قائلة: "بهذه التصريحات ضد المسلمين تبدأ وزيرة الداخلية حملتها المعادية للأجانب، وتدفع بحزبها إلى أقصى اليمين".

"قنبلة موقوتة"
وكانت بروكوب قد صرحت لصحيفة "تيرولر تسايتونج" المحلية السبت 13-5-2006 بأن دراسة أعدتها أكاديمية الأمن التابعة لوزارة الداخلية من أجل رصد قدرة المسلمين على الاندماج أظهرت أن 45% من مسلمي البلاد لا يرغبون في الاندماج، "ومن لا يرغب في الاندماج فلسنا مطالبين بتحقيق أية التزامات تجاهه".
وقالت: إن "عدم تحقيق الأقليات اندماجًا داخل المجتمع يشكل قضية ساخنة في النمسا مثل باقي دول الاتحاد الأوربي".
واعتبرت أن "الاختبارات التي تم وضعها في المعلومات واللغة كشرط للتجنس كانت أمرًا ضروريًا لإثبات القدرة الحقيقية للمهاجرين على الاندماج".
وحذرت الوزيرة النمساوية من وقوع "توترات في النمسا شبيهة بتلك التي وقعت في فرنسا وألمانيا"، في إشارة إلى احتجاجات المهاجرين الفقراء في فرنسا على أوضاعهم الاقتصادية المتدنية، وكذلك إلى جرائم الشرف التي تقع في أوساط المهاجرين الأتراك بألمانيا.
وقالت بروكوب: إن "تطور مثل هذه الأحداث في الوسط الإسلامي بالنمسا يمثل قنبلة موقوتة".

خلفية دينية وثقافية
من جهة أخرى أشار وهانس راوخ المتحدث باسم وزيرة الداخلية في تصريحات صحفية إلى أن الدراسة أظهرت أيضا أن 20% من مسلمي البلاد يواجهون مشاكل في تحقيق الاندماج بسبب الخلفية الدينية، بينما كانت الخلفية الثقافية سببًا في رفض الاندماج من جانب 25% من المسلمين، ولم تنشر نتائج هذه الدراسة بعد.
وأوضح رواخ أن دراسة أكاديمية الأمن امتدت في الفترة ما بين شهري أكتوبر 2005 ومارس 2006، وتم خلالها رصد آراء نحو 500 مسلم من العمال الأتراك وأبناء كوسوفو واللاجئين الشيشانيين ونمساويين من الجيل الثالث من أبناء المهاجرين الأتراك عبر الهاتف، كما أجريت لقاءات مع 100 مسلم آخرين.
تصريحات سابقة
وسبق لبروكوب الإدلاء بتصريحات شديدة اللهجة ضد الإسلام والمسلمين؛ ففي مارس 2005 أبدت تأييدها لحظر ارتداء الحجاب في المدارس، معتبرة أن الحجاب "مناف للقيم التي يقوم عليها المجتمع النمساوي".
وقالت: إن الإسلام "المتطرف" يهدد المرأة المسلمة في النمسا، زاعمة أن المسلمة لا تحظى بأية حقوق داخل المجتمع الإسلامي، ومعتبرة أنه من الضروري مكافحة ما أسمته بعض عادات المسلمين مثل "الزواج القسري" وظاهرة "القتل دفاعًا عن الشرف".
لكن الوزيرة النمساوية تراجعت عن بعض تصريحاتها إثر إرسال "الهيئة الدينية الإسلامية" وفدا للقائها، وبيان وجهة نظر الإسلام في عدة قضايا مثارة بالنمسا من بينها ارتداء الحجاب.
وبحسب أحدث الإحصاءات يعيش في النمسا نحو 400 ألف مسلم، أي 4% من تعداد السكان البالغ 8 ملايين نسمة.
ورغم شكوى مسلمي البلاد من تشديد إجراءات الحصول على الجنسية النمساوية، فإنهم يتمتعون بحق دستوري في ممارسة الشعائر الدينية وإقامة المؤسسات والمنظمات التي تدير شئونهم، وكذلك حرية إقامة المساجد.
وحصل المسلمون على هذه الحقوق منذ ما يقرب من قرن من الزمان، حينما أصدر القيصر فرانس جوزيف إمبراطور النمسا عام 1912 قانون الإسلام لاستيعاب المواطنين المسلمين الذين انضموا للإمبراطورية النمساوية-المجرية مع تنازل الدولة العثمانية عن إقليم البوسنة والهرسك عام 1878.