ـ(75)ـ
الحق والباطل أن يختار الباطل على الحق وأن الدين عند الله الإسلام، "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"، فلو فسرت الآية بطريقة لا تصادم هذا الأمر المعلوم، فسوف تخرج عن نطاق البحث مثلما قيل في معناها: إنّ الدين والعقيدة أمر باطني لا يحصل إلاّ بإرادة الإنسان واختياره، فلا يقبل الإلجاء والإكراه.
والحل الصارم للمشكلة تكمن في أن (الإعلان العالمي) حينما يدعو إلى حرية الدين، لا يفرق بين الحق والباطل، ولا يرى لنفسه رسالة من الله، بل لا يدعو إلى الاعتقاد بالله ورسالاته، فمن وجهة نظره، الناس أحرار في العقيدة والدين، وأن التوحيد والشرك، والإلحاد والاعتراف بالإله عنده سيان، مع أن الإسلام لا يعترف بالشرك، وأن الله لا يغفر أن يشرك به.
وبمثل هذا يقال في موضوع حرية الفكر والرأي، فإن الإسلام يمنع من الاعتقاد بأي رأي وتبني أي فكر مخالف لدين الله، والسر في ذلك كله أن الإسلام رسالة إلهية جاءت لإنفاذ إرادة الله في الأرض، ولمطابقة عمل الإنسان وعقيدته لإرادة الله التي لا تجري إلاّ في سبيل خير الخلق ومصلحة البشر، فكثير من الحريات التي يهواها الإنسان فيها شر كثير وبالعكس، فإن هناك كثيراً من الأشياء والمضايق التي يكرهها الإنسان ولا يهواها فيها خير كثير(عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم).
عاشراً: قال الأستاذ الباحث بشأن مساواة المواطنين أمام القانون في (الإعلان العالمي) الإسلام جعل الناس جميعاً ـ وليس المواطنين فقط ـ سواء أمام القانون، وإنما ميز بينهم بقدر ما يقدمون من عمل نافع لأمتهم، مستدلا بقول تعالى، (هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون) وقوله: (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم).
ونحن نرى أن الإسلام يقدم أهل العلم والتقوى على غيرهم في الفضل عند الله وليس أمام القانون، فالناس (سواء العالم منهم والجاهل وأهل التقوى وغيرهم) سواء أمام القانون في المعاملات والسياسات والمواريث والحدود وغيرها.