ـ(160)ـ
ومثل ذلك لطم اليتيم، فأنه إذا كان تأديباً، فهو حسن، وإذا كان ظلماً، فهم قبيح"(1).
أما أبو الحسين البصري، وهو من تلاميذ القاضي عبد الجبار المعتزلي، فقد ذهب إلى التفصيل بين الحسن، والقبح حيث: "أثبت صفة في القبيح تقتضي قبحة،ولم يثبت ذلك في الحسن،وقال يكفي لحسنه انتفاء صورة القبح عنه"(2)، واستدل على مذهبة بالقول:
"إنّ الحسن، والقبح لو لم يكونا عقليين، لجاز الكذب على الله، وأنبيائه لان الكذب ليس قبيحاً في ذاته وإنّما صفة القبح ثبتت لـه بالشرع، وهذا باطل ويترتب عليه فساد الرسالات والأحكام"(3). وكذلك استدل على مذهبه بالوجوه التي استدل بها العدلية على التحسين والتقبيح العقليين التي سنستعرضها في محلها.
وفي الواقع: أن قول المعتزلة هو نفس قول العدلية، إلاّ أننا آثرنا عزلهم بالذكر لغرض الإشارة إلى كونهم اتجاهاً فكرياً لـه أصوله الفكرية رغم وجوه الاشتراك الكثيرة بين هذا المذهب، وبين مذهب الإمامية، ولغرض عرض بعض أدلتهم الواردة في كتبهم على رأيهم في المسألة.
الاتجاه الثاني:
وهو ما ذهب إليه الأشاعرة من:
"إنّ الحسن والقبح إنّما يستفادان من الشرع، فكلما أمر الشرع به، فهو حسن، وكلما نهى عنه، فهو قبيح، ولولا الشرع لم يكن حسن، ولا قبيح، ولو أمر الله تعالى بما نهى عنه لأنقلب القبيح إلى الحسن"(4) "فليس للفعل نفسه حسن، ولا قبح ذاتيان،
__________________________________
1 ـ نظرية التكليف: ص 439.
2 ـ نظرية التكليف: ص 439.
3 ـ مباحث الحكم: ج 1 ص 173 نقلاً عن كتاب الأصول العامة ص 295.
4 ـ كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: ص 327.