ـ(193)ـ
العدالة شرط في الإمامة:
يقول البغدادي، عبد القاهر (1) (وقال أصحابنا مع أكثر الأمة: إنّ العصمة من شروط النبوة والرسالة وليست من شروط الإمامة، وإنّما يشترط فيها عدالة ظاهرة، فمتى أقام في الظاهر على موافقة الشريعة كان أمره في الأمة منتظلماً) (2).
وطالما كان حق تعيين الإمام للامة فلها حق عزله أيضاً. يقول البغدادي: (ومتى زاغ ـ الإمام ـ عن ذلك ـ العدالة ـ كانت الأمة عيناً عليه في العدول به من خطئه إلى صواب أو في العدول عنه إلى غيره، وسبيلهم معه كسبيله مع عماله، إنّ زاغوا عن سنته عدل بهم أو عدل عنهم) (3).
ويقول إمام الحرمين، والماوردي، والغزالي، والإمام الشيخ محمّد عبده مثل ذلك وهؤلاء ورثة الفكر الأشعري ورواده على اختلاف عصورهم(4).

شرط العزل:
لما كانت العدالة شرط في الإمام فقد ذهب عموم الأشاعرة إلى حق الأمة في عزله إذا انخرم فيه هذا الشرط، بينما رأى آخرون: أنّه لا يعزل إلاّ إذا صدر منه ما فيه خطر على أمور المسلمين.
يقول القرطبي في تفسيره: (الجمهور يرى أنّ الإمام يخلع بالفسق الظاهر المعلوم؛ لأنه قد ثبت أنّ الإمام إنّما يقام لإمامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وحفظ أموال اليتامى والمجانين، والنظر في أمورهم إلى غير ذلك، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور) (5).
_________________________________________
1 ـ المتوفى عام 429 للهجرة، والذي يعتبر من أئمة المذهب الأشعري ومن افضل شراح هذا المذهب فقد كانت لـه في ذلك كتب عديدة برز فيها.
2 ـ أصول الدين للبغدادي: 69.
3 ـ المصدر السابق.
4 ـ لقد استعرض الدكتور (فتحي عبد الكريم) بشكل شامل ومستوعب آراء أئمة الأشاعرة وغيرهم في هذه المسألة في كتابه (الدولة والسيادة) فراجع لمزيد الاطلاع.
5 ـ الجامع لاحكام القرآن للقرطبي ـ كتاب الشعب.