ـ(110)ـ
معنى الدين(بأنه مال موجود في الذمة) يرى فقهاء الإمامية أن ذمة الشخص لا تموت بموته، حيث إنها وعاء اعتباري قابل للبقاء حتى بعد الموت، ولذا لا حاجة إلى قيام الوارث مقام المورث في الدين؛ لأن الوارث إنما يقوم مقام المورث في ما يكون المورث ميتاً بلحاظه، وهذا هو الحال بلحاظ الأموال الخارجية للمورث، وبلحاظ ما كان يطلبه من غيره(انتقال الحق).
أما بلحاظ الديون الثابتة على الميت فذمة الميت باقية على حالها ما لم يوف دينه، ولا مجال لقيام الوارث مقامه، ويوفي دينه من تركته، ثم يورث المال كما قال تعالى: (من بعد وصية يوصى بها أو دين)(1).
إذن، فالإسلام يقول: لا علاقة لدين الميت بالورثة، وتبقى ذمة الميت مشغولة بالدين للآخرين، فيتمكن أن يتبرع عنه متبرع في أداء ما على ذمة الميت فتفرغ حينئذٍ، وقد يبرئه الدائن فتفرغ الذمة أيضاً، كما يمكن ضمانها، وعند التبرع والإبراء والضمان(2) تنتهي ذمة الميت، حيث إن العقلاء لا يعتبرون ذمة بعد ذلك.
هذا، وقد أقر الشارع المقدس هذا الفهم العقلائي للذمة، فقد وردت الروايات الكثيرة عن أئمة أهل البيت (عليه السلام) تقرر ما اعتبره العقلاء موجوداً حتى بعد الموت، فمن تلك الروايات:
1 ـ ما رواه محمد بن مسلم( في الصحيح) عن أبي جعفر(الباقر)(عليه السلام) حيث قال:( إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما الدين ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقاً، وأنه ليكون في حياتهما غير بار بهما فإذا ماتا قضى عنهما الدين واستغفر لهما فيكتبه الله باراً...)(3).
____________________________________________________
1ـ النساء: 12.
2 ـ المراد بالضمان هنا هو: معناه الإمامي(نقل المال من ذمة إلى ذمة ثانية)، لا بمعنى: ضم ذمة إلى ذمة كما هو عند الجمهور، وحينئذ إذا ضمن إنسان ما في ذمة الميت فقد برئت ذمة الميت من الدين.
3 ـ وسائل الشيعة: ج 13، باب 30 من أبواب الدين والقرض ح 1.