/ صفحه 7/
أو اتباع الهدى، وبين أنهم لا يخرجون بهذا عن أن يكونوا في مستوى عابديهم ومماثلين لهم، لا يقدرون على ما لا يقدرون عليه، ولا يعلمون ما لا يعلمون " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين " وإذن، فليسوا أمثالكم لأن شأنكم أن تستجيبوا وتسمعوا لمن يدعوكم وهم ليس من شأنهم أن يستجيبوا لداعيهم، وأخذ يبرهن على نزول الشركاء عن مرتبة المماثلة للمشركين فقال: " ألهم أرجل يمشون بها، أم لهم أيد يبطشون بها، أم لهم أعين يبصرون بها، أم لهم آذان يسمعون بها " والمعنى: أن المعبود الذي تعنو له الوجوه، وتتجه إليه القلوب، ويناجي ويسأل، هو القادر، العالم الذي لا يعجز قدرته شيء، ولا يغيب عن علمه شيء. وهؤلاء الشركاء قد فقدوا أضعف الوسائل العادية للقدرة والعمل، من الأيدي والأرجل، كما فقدوا أضعف وسائل العلم العادية أيضا، من الأعين والآذان. وقد حصلتم أنتم ـ أيها المشركون ـ على تلك الوسائل، فكان لكم أرجل بها تمشون، وأيد بها تبطشون، وكان لكم أعين بها تبصرون، وآذان بها تسمعون، وبذلك كنتم أعلى شأنا منهم فكيف تعبدونهم " وكيف تسألونهم؟ وإذن، ليس لكم إذا ما تمسكتم بهذا الوضع بالنسبة إليهم، إلا أن تدعوهم، وتجمعوا الرأي معهم للكيد بمن يدعوهم إلى الهدى " قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون ". " من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة، فليمدد بسبب إلى السماء، ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ " وهذا نهاية في التبكيت على عدم الاكتراث بهم وبمعبوداتهم، وبعد، فكم لله في كتابه من آيات ودلالات، وتطأطئ لها الرءوس إكباراً، وتخر لها الجباء روعة وجلالا.
وفي توحيد الله في التشريع، وفي أنه لا يأمر إلا بما هو حسن صالح، جاء في السورة قوله تعالى تفنيداً لتحريم القوم على أنفسهم وعلى الناس، زينة الحياة الدنيا والطيبات من الرزق، وإبطالات لقولهم تلبيساً على الناس وإضلالا لهم إذا فعلوا الفاحشة: " وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ". جاء رداً على ذلك كله: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم