/ صفحه 305/
في النقد اللغوي
للأستاذ علي النجدي ناصف
ــــ
ونعود إلى رأي الحريري في استعمال " سائر " بمعنى جميع، فهو لا يراه وهماً فقط، ولا غلطاً فقط، ولكن يجعل الوهم فاضحاً، والغلط واضحاً. وأعدل ما يقال في استعمالها بهذا المعنى أنه مختلف فيه بسبب الخلاف في الأصل الذي اشتقت الكلمة منه. فالجمهور على أنها مشتقة من السؤر بمعنى البقية، فهي بمعنى الباقي، والفارسي والجوهري يريانها مشتقة من السير، فهي بمعنى جميع. ولكل سند يستند إليه، ويحتج به.
فمما استدل به أصحاب الرأي الأول، قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " فضل عائشة في النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام "، أي باقيه. وقوله أيضاً (صلى الله عليه وآله وسلم) لغيلان الثقفي حين أسلم وله عشر نساء: " اختر أربعاً منهن، وفارق سائرهن " أي من بقي منهن.
ومما استدل به أصحاب الرأي الآخر قول الأحوص:
فجلتها لنا لبابة لما وَقَذ النوم سائر الحراس (1)
وقول غيره:
ألزم العالمون حبك طرا فهو فرض في سائر الأديان
ومما يعزز هذا الوجه ويؤنس فيه، أن الجاحظ، وهو من هو بصراً باللغة،

ــــــــــ
(1) وقذْ: غلبه وسكنه. وقد رجعنا في دراسة سائر إلى: درة الغواص: 1: 3 وكشف ا لطرة: 261، 262، ولسان العرب (سائر، وسار)، والقاموس، وتاج العروس، والصحاح والمصباح.