/ صفحه 245/
وأول داع إلى الوحدة الإسلامية في العصر الأخير، وباعث الوعي الفكري في كل بقاع الإسلام.
وثانيها: ألا يكون العالم الاسلامي منحازاً في جانب من جوانبه، لا يحاول أن يتجه إلى الجانب الآخر، ولا أ ن يتعرف ما فيه، فتلك عصبية مذهبية، أو طائفية تلتقي مع العصبية الجاهلية في نتائجها وثمراتها، وإن خالفتها في منبعها وأسبابها، فتلك نعرة جنسية نسبية، وهذه انحراف فكري وتعصب مذهبي.
وثالثها: أن تتقارب الطوائف الاسلامية، فإن دراسة التراث الاسلامي ككل لا يقبل التجزئة بحيث تدرس كل طائفة ما عند الأخرى ـ يقرب ما بين الطوائف ويزيل تلك النفرة غير الطبعية التي خلفتها بعض القرون في ماضي الإسلام، وإننا بهذا يتحقق لنا الغرض المقصود، وهو محو الطائفية في الإسلام، أو تقريب ما بين الطوائف بحيث تكون خلافا مذهبياً، كالخلاف الذي بين المالكية والحنابلة، ونحن ندرس بعض آراء الامامية على أساس أنه مذهب كالمذاهب التي ندرسها.
6 ـ وإن محو الفروق الطائفية يجب أن يكون غاية مقصودة، ذلك لأن أسباب الخلاف قد زالت، ومن الخطأ ان نتمسك بالاختلاف الطائفي مع زوال أسبابه، وكيف يكون بيننا تنافر فكري بسبب أن علياً أفضل من أبي بكر وعمر، أو أنهما أفضل منه، تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ومعاذ الله ان يكون أولئك الأبرار كان فيهم من ارتكب خطيئة أو إثماً ضد الإسلام، ولقد سئل الشافعي مرة عن أهل صفين فقال: واقعة قد كفاني الله شهودها، فلماذا لا أبرئ لساني من الخوض في أهلها، ولأن الخلاف الطائفي الآن يشبه أن يكون نزعة عنصرية، ولأن الذين يريدون الكيد للإسلام يتخذون من الخلاف بين الطوائف منفذا ينفذون منه إلى الوحدة الاسلامية، فيجب أن نسد عليهم هذا المنفذ، ولأن وحدة أهل الإسلام توجب وحدة الشعور، والطائفية لا تتحقق معها وحدة الشعور، وقد جربنا في الماضي أن الطائفية مكنت لأعداء الإسلام، ويجب أن يكون في الماضي عبر للحاضر، ونور يضيئه.