/ صفحه 380/
ظهرت كذلك سنة 1858) بأحد عشر فصلا فرعيا تشغل نحو خمسين صفحة، منها فصل في الباب الثالث، وعشرة فصول في الباب السادس(1)، كما تزيد عنها في ثنايا بعض الفصول المشتركة بينهما وفي خواتيمها بفقرات كثيرة تشغل في مجموعها نحو خمس وعشرين صفحة، وجميع الزيادات التي تختص بها طبعة باريس منقولة عن نسخ خطية موثوق بها، وقد دل البحث على أن ابن خلدون قد صاأضفها إلى مقدمته في السنين الأخيرة من حياته.
ففي أحد الفصول التي تزيد بها هذه الطبعة عن الطبعات المتداولة في العالم العربي، وهو الفصل الخامس من الباب السادس(2)
وعنوانه: ((فصل في علوم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام))، عرض ابن خلدون لهذا المعنى نفسه في عبارة أكثر وضوحا إذ يقول:
((وقد تقدم لنا الكلام في الوحى أول الكتاب في فصل المدركين للغيب، وبينا هنالك أن الوجود كله في عوالمه البسيطة والمركبة على ترتيب طبيعي من أعلاها وأسفلها متصلة كلها اتصالا لا ينخرم، وأن الذوات التي في آخر كل أفق من العوالم مستعدة لأن تنقلب إلى الذات التي تجاورها من الأسفل والأعلى استعدادا طبيعيا، كما في العناصر الجسمانية البسيطة، وكما في النخل والكرم من آخر أفق النبات مع الحلزون والصدف من أفق الحيوان، وكما في القردة التي استجمع فيها الكيس والإدراك مع الإنسان صاحب الفكر والروية. وهذا الاستعداد الذي في جانب كل أفق من العوالم هو معني الاتصال فيها.(3)
*(هوامش)*
(1) سمى ابن خلدون البحوث الستة الرئيسية الرئيسية من مقدمته "فصولا"، وسمي فقرات كل بحث من البحوث الخمسة الأخيرة منها "فصلوا" كذلك؛ الأمر الذي يوقع في اللبس والخلط بين البحث الرئيسي والمسائل المتفرعة عنه، ولذلك استخدمنا كلمة "الباب" بدلا من كلمة "الفصل" للدلالة على البحث الرئيسي، وللتفرقة بينه وبين البحث الفرعي.
(2) توجد في طبعة باريس في أول الباب السادس ستة فصول غير موجودة في الطبعات المتداولة في العالم العربي، والفصل الذي ننقل عنه هو الفصل الخامس منها.
(3) طبعة كاترمير، المجلد الثاني، ص 373.