/ صفحه 353/
حق الله وحق العبد
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنيه
رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا ببيروت
ــــ
الحق نوعان: حق الله، وحق العبد، ونريد بحق الله معنى عاما يشمل العبادة كالصلاة والصيام والحج، والعقوبات كحد السرقة والقذف والشرب، ويشمل التعزير أيضا (1) والكفارات والمصالح العامة التي لا تخص أحداً بعينه، وما إلى ذلك مما لا يجوز العفو عنه والإبراء منه والصلح عليه. ونريد بحق العبد ما يخص شخصاً بعينه كالدين والدية والقصاص والضمان، وما إلى ذلك مما يجوز العفو عنه والإبراء منه والصلح عليه.
ولو اتجه الحقان على شخص، وتعذر عليه تنفيذهما معاً بحيث لا يستطيع إلا عمل أحدهما، فهل يقدم حق الله أو حق العبد؟ وتسهيلا للمعرفة لابد من تحديد المورد الذي يقع فيه التزاحم والتصادم بين الحقين. وليس من شك أن التزاحم لا يتحقق إلا في اتحاد المحل، أما إذا وجد أحدهما دون الآخر فلا نزاع ولا صراع، فالذي يضره الصوم لا يجب عليه أمران: مراعاة الصحة والصيام، ثم يقدم الأول على الثاني، وإنما تجب عليه مراعاة الصحة فقط، أما الصوم فلم يجب أصلا، إذن ليس هناك إلا حق العبد، لأن الله لم يشرع حكما فيه ضرر أو حرج على الناس " ما جعل عليكم في الدين من حرج " وبهذا نجد تفسير
ــــــــــ
(1) الفرق بين الحد والتعزير أن الحد عقوبة قدرها الشارع ونص عليها صراحة، اما التعرير فهي عقوبة لم ينص عليها الشرع، بل ترك أمر تقديرها للحاكم، فإن شاء حبس، وإن شاء ضرب وإن شاء اكتفى بالتقريع بالكلام.