/ صفحه 136/
(د) أنهم يقسمون بعد الخراج والكنائس صافى الثمرات بين العاملين، كل بقدر عمله وبنسبة ما عمل وأنتج، والضعيف تؤخذ منه الارض وتعطى القوى القادر، و على الجماعة أن تسد حاجة الضعيف وتغنيه عن السؤال.
11- وان هذا نوع من التعاون لا نظير له، فهو ارتباط معنوى ومادى وهو نظام اشتراكى عال، لا يحرم العامل من ثمرات عمله، وما يصل اليه الجميع يشتركون فيه بمقدار جهد كل واحد وما أنتج.
وانهم بذلك يتعاونون على العمل، وعلى تخير خير الاعمال انتاجاً، وأقواها اثماراً، ألم تر أهل كل قرية يجتمعون ويتناظرون فى العمارة والخراب، فيحاولون اصلاح الخراب، والانتفاع بالعامر، وفى هذه المناظرة يكون التفكير فى محاولة الانتاج وتزكية ثماره.

ــــــــــ
1- تاريخ ابن عبدالحكم ص152 و153.

وليست كل قرية منقطعة عن جاراتها بل انه ليجتمع رؤساء القرى المتجاورة فيتشاورون فى الوصول الى خير الطرق انتاجاً، وأكثرها خيراً.
12- ولما أراد السيد محمد بن على السنوسى وخليفته محمد المهدى أن ينشئا مجتمعات اسلامية صغيرة فى وسط الصحراء الليبية، أنشئا الزوايا، وهى مجتمعات صغيرة تقوم على التعاون فى كل شىء: فى أسباب العيش، وفى العلم وفى التدريب العسكرى، فالزاوية مركز العلم والتعلم والانتاج، والجندية، ولكل زاوية (مقدم) هو القائم بأمورها، يفصل فى الخصومات بين أهلها، ويضع كل شىء فيها بالقسطاس المستقيم، ويجلب ما تحتاج اليه من بذور وغروس، ويتولى فى الجملة الاشراف على كل شىء، سواء أكان اقتصادياً، أم كان اجتماعياً، أم كان دينياً، وللمقدم اثنان يعاونانه (أحدهما) معاونته اقتصادية ويسمى وكيلا، وهو يقوم بشئون الدخل و الخرج، ويدبر أمر الزراعة، وما تحتاج اليه من أيد عاملة ويعمل على توزيعها توزيعاً عادلا تحت اشراف المقدم مستعيناً به فيما يحتاج اليه من خارج الزاوية من بذور وغروس غير موجودة بها تجدد أشجارها ونباتها.