/ صحفة 133 /
2 ـ موقف النصارى من الدعوة الإسلامية وموقفها منهم
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرجو من النصارى باعتبارهم أهل كتاب وأتباع نبي مرسل، مثل ما كان يرجو من اليهود بهذا الاعتبار، ولكن النصارى لم يكن لهم جالية متصلة بالمسلمين كاليهود بالمدينة وما حولها، وإنّما كان هناك أفراد متفرقون لا يعدون جماعة، وكان في أطراف جزيرة العرب، أو في جوارها أمم ودول تدين بالنصرانية، فكانت تصل إليهم أخبار النبي وأصحابه، وما يلاقونه من عنت المشركين، ولما اشتد الايذاء بالمسلمين أشار عليهم النبي صلى الله عليه وآله، بالهجرة إلى بلاد الحبشة المسيحية، وقال لهم: (ان بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، (فاذهبوا اليها) حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) فهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله كان حسن الظن بالنصارى) فانه اطمأن إليهم، ولم يخش على أصحابه المهاجرين إلى الحبشة من فتنتهم ومدح ملكهم.
موقف عظيم لجعفر بن أبي طالب بين يدي النجاشي:
وقد خافت قريش من هذه الهجرة، فأرسلت وراء المهاجرين سفيرين لها، هما: عمرو بن العاص، وعبدالله بن أبي ربيعة، وحملتهما كثيراً من الهدايا للنجاشي وبطارقته، فكان أن أرسل النجاشي إلى هؤلاء اللاجئين إلى بلاده من المسلمين فسألهم عن هذا الدين الذي فارقوا فيه قومهم ولم يدخلوا به في دينه ولا في دين أحد من الملل المعروفة، فكلمه جعفر بن أبي طالب باسم المهاجرين فقال:
(أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتى الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسىء الجوار، ويأكل القوى منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم،