/ صفحة 99/
كانوا فاسدى السيرة لايصلح واحد منهم للاقتداء به، وأكثر من ذلك. فإن رجال الكنيسة وعلى رأسهم پاپا روما يقفون في وجه حركة التحرير القومية في ايطاليا، ويعاونون المستعمرين الاجانب من النمساويين ثم من الفرنسيين ضد طلاب الحرية في ايطاليا ضد الشعب الايطالى نفسه، الشعب الذي يرعونه، وفي أرضه تقوم كنيسة القديس بطرس الذي هو الاب الروحى للايطايين، والذي هو مصدر السلطة الروحية لهؤلاء لانهم خلفاؤه، واذن فمن حق القومية الايطالية وطلاب الحرية جميعا في أوربا أن ينادوا بفصل الدين عن السياسة، وابعاد رجال الكنيسة الملوثين عن حياة الدولة، والغرض من ذلك هو ابعاد فساد الكنيسة عن توجيه الحياة، وسجن دينها ورجالها داخل أسوار الكنيسة، لهم حياتهم الكنيسة الخاصة، وللدولة الحرة حياتها الخاصة.
وهكذا تم لرجال النهضات القومية النجاح في تحرير شعوبهم، وعزل الكنيسة ورجالها عن الدولة، وعلى هذا قبعوا في كنائسهم في كل دولة، وقامت ((دولة الفاتيكان)) في ركن من روما ولا زالت إلى اليوم تمثل في نظر القوميين فكرة فصل الدين عن السياسة.
* * *
ولقد شهد الشرق الإسلامي مثل هذا الجدل في القرن التاسع عشر الميلادى، أو بالضبط منذ فسد حكم الاتراك العثمانيين لبلاد المسلمين، وشغل الكتاب بهذه الفكرة بشكل بارز عند ما ألغى ((كمال أتاتورك)) الخلافة الإسلامية بعد نجاح حركته التحريرية.
وإذا كان مصطفى كمال قد تخلص من الخلافة التي يفترض أن حكمها يقوم على دين الإسلام فانه لم يستطع أن يتخلص من الدين الإسلامي كعامل موجه لحياة الشعب التركى حتى اليوم، رغم كثرة تشريعاته الديكتاتورية وحكمه العسكرى، ثم خفت صوت الداعين إلى فصل الدين عن السياسة، وتوجيه حياة الشعوب العامة ردحا من الزمن، ثم تحول إلى الالحاح في التقليل من أهمية رجال الدين