/ صفحة 7/
((المائدة)) وبينا وجه تسميتها بسورة ((العقود)) ووجه تسميتها بسورة ((المائدة)) وبمناسبة هذا عرضنا لمسألة المائدة وما قيل في نزولها وعدمه، وما ذكر في وصفها وتحديد مكانها، وبيّنا الرأي الذي نطمئن إليه في ذلك. كما تكلمنا على ((الحواريين)) وهل كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين وما تدل عليه الآيات في هذا الشأن. وشرحنا الظروف التي نزلت فيها هذه السورة، وأشرنا إلى أن الموضوعات التي اشتملت عليها كانت مما تقضي به حالة المسلمين التي صاروا إليها في ذلك الوقت الذي نزلت فيه. كما أشرنا إلى جملة من الظواهر التي انفردت بها هذه السورة وكانت لها دلالة واضحة في معرفة الوقت الذي نزلت فيه، وأنها جاءت متممة للأحكام التي يحتاج إليها المسلمون بعد أن تركزت حالهم وتميزوا عن غيرهم، وصار لهم جوار من أهل الكتاب، يحتاجون إلى معرفة أسس العلاقة بهم، وبذلك كان كل ما احتوته السورة دائراً في جُملته على أمرين بارزين تشريع للمسلمين فى خاصة انفسهم من جهة دينهم ومن جهة ديناهم وتشريع لهم في معاملة من يخالطون، وإرشادهم لطرق المحاجة والمناقشة التي كانت تنشب بينهم وبين أهل الكتاب في ما يختص بالعقائد والأحكام وذيّلنا ذلك العرض بسرد النداءات الإلهية التي وجهت من الله سبحانه للمؤمنين وللرسول عليه الصلاة والسلام، ولأهل الكتاب، ووعدنا القارىء الكريم بالتحدث عما تضمنته هذه النداءات الإلهية من تشريع وارشاد، وها نحن أولاء نأخذ في ذلك وبالله التوفيق.
النداء الأول:
((يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام الا ما يتلى عليكم غير محلى الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد)) .
مسئولية الالتزام التعاقدى:
هذا النداء يقرر الأساس في مسئولية الالتزام التعاقدى، والالتزامُ التعاقدى شأن اجتماعى خطير. والوفاء، والإيفاء. الإتيان بالشىء كاملا غير منقوص. والعقود، جمع عقد، وهو ما يلتزمه المرء لنفسه أو لغيره، وأساسه قد يكون شأنا