/ صفحة 415/
قال: كلا لقد صادف حديثك هوى في نفسى، بيد أن أساس المبحث ما كان يتطلب الا المامة تدرك منها الصلة القوية بين عقيل وبينه، فإن هذا مثار ذكر بعض نتف من اخباره، والخلاصة أن نسبة البيت الذي تحدثنا عنه إلى عقيل نسبة يتلقفهاالذوق الادبى بالقبول والاطمئنان - نعم ان الرجل بعد امعانه في الاسفاف بداله النزوع إلى الابقاء على ذوى القربى، والرجل ذو بدوات، فقال من أبيات في الحماسة:
وأبغض من وضعت إلى فيه *** لسانى معشر عنهم أذود
وفي البيت تعقيد لفظى كما يرى البلاغيون، إذ تقدير البيت ليضح معناه، ما قال التبريزى: (و تقديره وأبغض من وضعت لسانى فيه إلى، معشر عنهم أذود، فقدم (إلى) قبل أن يتم الكلام الذي هو لها مقتض.
ويعجبنى قوله بعد هذا البيت:
ولست بسائل جارات بيتى *** أغيّاب رجالك أم شهود
فهذا مثل أعلى في العفة والطهارة.
ونعود إلى ماكناً بصدده، فقد انساق الحديث استطراداً إلى ما قلته لك آنفاً، وأحسبك تهوى ترسم أسلافنا في مدارستهم، فقد كان مجلسهم يبدأ بالاستفهام عن آية من الكتاب أو بيت من الشعر أو طريفة من خبر، ثم لا يلبث الحديث أن يتصل بعضه ببعض غير منوط بالاتجاه المعين الذي كان مثار السؤال، فقد تذكر فائدة جديدة محببة للسائل لم تدر بخلده عند السؤال، وكتب الامالى والمجلس بين يديك، ورحم الله الشريف المرتضى وابن الشجرى من بعده:
قلت: حسبى ما ذكرت، وما كل هذ انتظر في قائل البيت، ولعل الباعث عندك على الاطناب والاستطراد اساختى التامة لاستماع الحديث عن البيت، واقبالى عليه، فلا أخفى عنك أن الحافز على اهتمامى به، والحافي في السؤال عنه مرجعه إلى المراد بـ(الاخينا)، فمعذرة إليك فيما تلاحظه علىّ، فإن بيانك الوافي مما ينبغى معه طرح الشك في جمعية (الاخينا) بيد أن بعض الفضلاء علق على البيت بما يفيد