/ صفحة 239/
يعتبر لها بدلا يخلفها ويطالبون به، وإن لم يحقق ذلك البدل المعنى الذي يعقلونه ويدركونه من التكاليف الاصلية، ولعله يتضح بذلك لحضارت قراء الرسالة الحكمة في تلك البدلية التى عقدها الله بين الماء، والتراب، والوضوء، والتيمم.
من حكمة الله ورحمته أنه لم يجعل البدل من الماء شيئا يعز وجوده:
ومن حكمة الله أنه لم يجعل البدل شيئا يعز وجوده، أو يصعب استعماله على أحد من خلقه، فالصعيد الطيب، وبخاصة عند من لا يشترط فيه ترابا، ملازم للانسان في وجوده أين كان وتلك رحمة إلى رحمة:
وأنه اقتصر فيه على ما يحقق الرمز والوجود التشبيهى للطهارة الاصلية:
ورحمة ثالثة، هي أنه اقتصر منه على ما يحقق الرمز والوجود الشبهى، وكان مظهر ذلك في الاقتصار على مسح بعض أعضاء الوضوء، وهو الوجه والايدى فقط، ورحمة رابعة، هي أنه ساق مسح هذين العضوين بصيغة ليس لها دلالة على ارادة تعميمهما بالمسح عل نحو تعميمهما بالماء في الوضوء، فعدى المسح إلى الوجوه بالباء على نحو ما عداه بالرأس في الوضوء، وبذلك كانت هنا مجالا للخلاف الذي هناك. وعداه كذلك إلى اليدين دون ذكر الغاية، وبذلك فتحت باب الاكتفاء بمسح ما تطلق عليه كلمة ((أيدى)) وبذلك صح الاقتصار فيه على مسحهما إلى الرسغين، إذ كان اطلاق اليد على هذا القدر شائعا عند العرب، معهودا في القرآن.
ورحمة خامسة: هي أنه لم يطلب أكثر من المسح بعد تيمم الصعيد الذي يصدق بقصده ولو مرة واحدة، وحسبنا في هذا حديث عمار في رواية الصحيحن، فقد صرح فيه أن التيمم بضربة واحدة يمسح بها الوجه والكفين، وهذا كله مما يحقق المعنى الذي قلناه في معنى الخلفية، وقرره غيرنا من قبلنا.
ومما يزيد ذلك وضوحاً: الاكتفاء بالوجود الشبهى على صورة واحدة في حالة الحدث الاصغر الذي طهارته الوضوء والحدث الاكبر الذي طهارته الغسل.