/ صفحه 248/
في هذا العصر ظهر النبى الأمى الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وقام يدعو إلى التوحيد. وهو أساس الإسلام. ذلك التوحيد الذي يعنى أن الله واحد "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد".
ويبين أن محمداً ليس إلا عبد الله ورسوله، لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعا، ولا يملك لأحد شفاعة إلا أن يأذن الله له، وأنه إنسان وبشر أوحى إليه برسالة فحسب. "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى الى إنما الهكم اله واحد" وأنه ليس هناك بين العبد وربه حاجز، فلا وساطة. والطريق إلى الله مفتوح لكل إنسان، يصل إليه من يشاء بعمله وجده لا بحسبه ونسبه، ولا بشهادة القديسين والمصلين له. فليس هناك اعراف لغير الله أوتوبة إلا له. وليس هناك نظام كهانة أو كهنوت أو رهبانية أو زهد عما أباح الله لعباده من الطيبات، ولكن عبادة وتعمير للأرض وبناء للمجتمع.
فحطم "محمد" بهذه الفكرة أوثان المشركين كاللات والعزى ومناة وهُبل، وحرم عبادة الأوثان، وفى سبيل هذه الدعوة الكريمة التي نهضت بالعقل الإنسانى إلى ما يليق به من كمال إنسانى عرض نفسه إلى الأذي، وعداء أهله وذويه وأقرب الناس إليه، فتألبوا عليه وجمعوا جموعهم لقتله، فأنقذه الله مما كانوا يمكرون.
وعلى الرغم من ذلك كله فقد كانوا كلما أمعنوا في إيذائه قال: "اللهم اهد قومى فانهم لا يعلمون".
حرم الخمر والميسر، وحرم وأد البنات، وقد كان المشركون يرون من العار أن تكون لهم بنات، فكان من بينهم من يضعها في حفرة، ويهيل عليها التراب حتى تموت.
منع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه الوحشية، وأزال هذه الجهالة، وجعل للبنات حقا في العيش كالبنين، وجعل للناس جميعا واجبات بعضهم على بعض، وأشاع فيما بينهم أن أحبهم إلى