/ صفحه 401/
بما كانوا يصنعون، وتحالفت عليهم المطامع، واجترأت عليهم الذئاب، وطمع فيهم الأفاقون وشذاذ البشر، ونفايات الأمم.
لقد بلغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رسالته، وأداها كما يجب، ونصح بالاعتصام بالوحدة، كما أشار إلى المشاق التي تعترض المتمسك بدين الإسلام، وفضائل الإسلام، فجاء فيما روي عنه (صلى الله عليه وسلم): " يأتي على الناس زمان يكون القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر " وها هو ذا قد جاء ذلك الزمان، فأصبحنا نرى المتمسك بدينه يعاني كثيرا من المشاق، ويجاهد كثيرا من الأهوال، وأصبحنا نرى الدعاة إلى الفضيلة كأنهم غرباء في قومهم وأهليهم، يُستثقل نصحهم، ويجابَهون بصيحات الاستنكار، ويحاكمون إلى الواقع وإن كان فاسداً، والمألوف وإن كان باطلا، بل يحاكمون ـ وهم يقولون: قال الله، وقال رسول الله ـ إلى قول فلان وفلان من فلاسفة الغرب، ودعاة مبادئه " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً. وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ".
ألا إنه ليجب على قادة المسلمين أن يكونوا مستعدين للتضحية، قابلين لأن يقبضوا بأيديهم على الجمر في سبيل نجاحهم، واستعادة مجدهم، وألا ييأسوا من روح الله، ولا يذهلوا من هول ما أصاب أمتهم وأوطانهم، فان اليأس لا يكون مع الإيمان، وأن الذهول والبُهْر لا يردان حقاً، ولا يدفعان باطلا.
وإذا كان الله جل وعلاه أوصى المؤمنين في عهد النبوة الأولى بقوله: " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمة أخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها. كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون " ـ إذا كان الله قد أوصى المؤمنين الأولين بهذه الوصية الجامعة الحكيمة التي تجمع عناصر النجاح والقوة والسياسة والحكمة، فإن المسلمين اليوم في حاجة أمس، وضرورة أشد،