ـ(64)ـ
السلف كابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم، فلم يعد تفسيره تفسيرا بالرأي في حين يعد تفسير الطبرسي والبغوي تفسيرا أثريا مع أن الطبرسي كثيرا ما ينقل عن أبي هاشم والبلخي والفراء والزجاج وغيرهم؟
والجواب على هذا: أن الرازي يختلف عن غيره في أنه ـ وإن ذكر آراء القدامى في التفسير ـ يذكر ما يرتأيه في أغلب الموارد. وقد يحمل النص القرآني رأيه، بنحو قد يدفعه إلى التناقض في أقٌواله. فعند تفسيره قوله تعالى: ]...وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم...[(1) أقام الدنيا ولم يقعدها ليثبت أنه لا يجوز الخوض في تأويل ما لا يمكن حمله على ظاهره، ولولا خوف الإطالة لذكرنا نص كلامه ليتبين القارئ الكريم مدى سعي الرازي إلى إثبات ذلك، ويطالعنا بعد ذلك تفسيره قوله تعالى: ]الرحمن على العرش استوى[(2) ذكر كلاما طويلا ذا فروع في أنه لابد من المصير إلى التأويل)(3). ويبدو أن الرازي عندما تناول قوله تعالى: ]...وما يعلم تأويله إلاّ الله...[ كانت نصب عينيه آراء المفسرين في ذلك ومنها رأي الاشاعرة فاتخذ ذلك الموقف، وعندما تناول الآية الثانية تناولها وهو مفسر يتذوق النص القرآني، لهذا قال ما قال، والأمر الملفت للنظر أنه ـ في المورد الثاني ـ ناقش من توقف في التأويل ورد قوله بإسهاب.
ولأجل كل هذا عد تفسيره تفسيرا بالرأي.
8 ـ والرازي يسعى في كثير من الموارد إلى توجيه ما يراه إشكالا على ظاهر نظم القرآن
______________________
1 ـ آل عمران :7.
2 ـ طه : 5.
3 ـ التفسير الكبير 22 : 6.