@ 86 @ يستروى النصوص من أهل الرواية ويتمرن في علم الدراية بأهل الدراية ويقتصر من كل فن على مقدار الحاجة .
والمقدار الكافي من تلك الفنون هو ما يتصل به إلى الفهم والتمييز ولا شك أن التبحر في المعارف وتطويل الباع في أنواعها هو خير كله لا سيما الاستكثار من علم السنة وحفظ المتون ومعرفة أحوال رجال الإسناد والكشف عن كلام الأئمة في هذا الشأن فإن ذلك مما يوجب تفاوت المراتب بين المجتهدين لا انه يتوقف الاجتهاد عليه فإن قلت ربما يقف على هذا الكلام من هومتهئ لطلب العلم فلا يدرى بما ذاك يشتغل ولا يعرف ما هو الذي إذا اقتصر عليه في كل فن بلغ إلى رتبة الاجتهاد والذي يجب عليه عنده العمل بالكتاب والسنة قلت لا يخفى عليك ان القرايح مختلفة والفطن متفاوته والأفهام متباينة فمن الناس من يرتفع بالقليل إلى رتبة علية ومن الناس من لا يرتفع من حضيض التقصير بالكثير وهذا معلوم بالوجدان ولكنى ههنا اذكر ما يكفى به من كان متوسطا بين الغايتين .
فأقول يكفيه من علم مفردات اللغة مثل القاموس وليس المراد احاطته به حفظا بل المراد الممارسة لمثل هذا الكتاب أو ما يشابهه على وجه يهتدي به إلى وجدان ما يطلبه منه عند الحاجة ويكفيه في النحو مثل الكافية لابن الحاجب والألفية وشرح مختصر من شروحها وفي الصرف مثل الشافية وشرح من شروحها المختصرة مع ان فيها مالا تدعو إليه حاجة وفي أصول الفقه مثل جمع الجوامع والتنقيح لابن صدر الشريعة والمنار للنسفى أو مختصر المنتهى لابن الحاجب أو غاية السول لابن الإمام وشرح من شروح هذه المختصرات المذكورة مع أن فيها جميعهامالا تدعو إليه حاجة بل غالبها كذلك ولا سيما تلك التدقيقات