@ 84 @ ولكنهم لا يفارقون التقليد الذى هو دأب من لا يعقل حجج الله ورسوله ومن لم يفارق التقليد لم يكن لعلمه كثير فائدة وإن وجد منهم من يعمل بالأدلة ويدع التعويل على التقليد فهو القليل النادر كابن تيمية وأمثاله وإنى لأكثر التعجب من جماعة من أكابر العلماء المتأخرين الموجودين في القرن الرابع وما بعده كيف يقفون على تقليد عالم من العلماء ويقدمونه على كتاب الله وسنة رسوله مع كونهم قد عرفوا من علم اللسان ما يكفى في فهم الكتاب والسنة بعضه فإن الرجل إذا عرف من لغة العرب ما يكون به فاهما لما يسمعه منها صار كأحد الصحابة الذين كانوا في زمنه صلى الله عليه وسلم وآله وسلم ومن صار كذلك وجب عليه التمسك بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم وترك التعويل على محض الآراء فكيف بمن وقف على دقائق اللغة وجلايلها افرادا وتركيبا وإعرابا وبناء وصار في الدقائق النحوية والصرفية والأسرار البيانية والحقائق الأصولية بمقام لا يخفى عليه من لسان العرب خافية ولا يشذ عنه منها شاذة ولا فاذة وصار عارفا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم في تفسير كتاب الله وما صح عن علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى زمنه وأتعب نفسه في سماع دوادين السنة التى صنفتها أئمة هذا الشأن في قديم الأزمان وفيما بعده فمن كان بهذه المثابة كيف يسوغ له أن يعدل عن آية صريحة أو حديث صحيح إلى رأى رآه احد المجتهدين حتى كأنه أحد العوام الأعتام الذين لا يعرفون من رسوم الشريعة رسما فيالله العجب إذا كانت نهاية العالم كبدايته وآخر أمره كأوله فقل لى أي فائدة لتضييع الأوقات في المعارف العلمية فإن قول امامه الذى يقلده هو كان يفهمه قبل أن يشتغل