بوصولنا من مصر إلى الشام لاعلاء كلمة الاسلام وما جرى لنا من الغزوات في هذه السنة المباركة وما تلقيناه بالشكر من ألطاف الله المتداركة وما من الله به من الفتوح التي تفوح بأرج الرجاء أرجاؤها وتبوح بسر السرور لأوليائنا آلاؤها وتبني اركان الدولة المشيدة أبناؤها وتنبي عن مناهج العز ومباهج الفوز أنباؤها وما تهيأ في طريق مصر عند قدومنا من اعجاز الفرنج وازعاجها وارهاقها إلى الذل وارهاجها فانها اجتمعت إلى طريقنا فألجأناها إلى الحصار واعجزناها عن الاصحار ووطئنا منهم الرقاب والأعمال وأذهبنا منهم الاموال والامال واضرمنا عليهم ديارهم نارا وملاناها خيبة وخسارا وذلة وصغارا .
وجئنا إلى دمشق واستأنفنا الغزوات وكررنا إليهم النهضات وأمضينا في قتالهم ورقابهم المرهفات والعزمات فتارة ازرناهم البؤس في بيسان وروينا من وريدهم النصل والسنان وتارة أتيناهم بالبوار في بيروت وقدنا بل سقنا إلى سقر منهم اولياء الطاغوت ثم وصل الخبر بأن المواصلة مواصلوا الافرنج في الاتفاق معها وأشاروا على الكفر بأن تحشد جموعها وتجمعها ويتفقوا على قصد بلادنا والدفع لما يدهمهم من قصدنا بلادهم وجهادنا فانه لما توفي ولد نور الدين رحمهما الله في حلب كنا بمصر و جاء إليها صاحب الموصل واستولى عليها فقلنا لهم أن هذه حلب وأعمالها جارية في مثالنا وتقليدنا من أمير المؤمنين صلوات الله عليه فخافوا عقبى هذا الخطاب ولاذوا من الكفر بأوهى الاركان واوهن الاسباب فرتبنا بدمشق من يقوم بفرض الجهاد وقويناه بالعدد الوافية والاعداد ومضينا إلى جانب الفرات ببحر من الجيش جائش عبابه سامية هواضبه وهضابه وعبرنا الفرات والبلاد ملقية إلينا مقاليدها والاقدار منجزة لنا في الفتوحات مواعيدها والممالك مفتوح لنا رتاجها مسلوك فيها الينا بوفود النصر منهاجها فما جئنا إلى بلدة الا تسلمناها سلما وأوسعنا رعيتها وأجنادها عدلا لم يروه من قبل وحلما وكأنا واصلون إلى اوطاننا وأوطار اهليها وقد أعدنا السكون إلى ساكنيها وأزلنا دوائر الظلم عن متدبريها فكم كان لمتوليها فيهم من أيام ظلم أضوء منها سود الليالي ومواسم سوء في الرعية يقتضي حرها ببرد الجمر الصالي ففتحنا وما فدحنا وملكنا وما انتهكنا واستوى بنا وما استعلينا وحطنا جميع ما به أحطنا وتسلمنا وما