[24] من هناك، وهو جد فخور برؤية السيد، ومتبجح بها. ثم أن أبناء المؤلف سألوه عن بواعث عدم الجلوس، والتحدث مع الملك، أجابهم: إنه رجل عمل، ولا فراغ له، وإنه مسؤول عن كل لحظة عمره. فهو بهذا أستطاع أن يوفي حق علمه، فيبلغ من المرتبة نصيبه وحظه الوافر الذي تحتاجه حياته العلمية، وتفتقر إليه بيئته الدينيه، وهو منذ ترك النجف الأشرف.. ومغادرة الجامعة الكبرى التى وضع لبنتها الأولى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.. منذ أن ثوى في تلك التربة المقدسة.. على اتصال مستمر بالبحث، ومثابرة متواصلة بالكتابة والتأليف والمناظرة، يقضي طوال نهاره وشطرا من لياليه في مكتبته، تاركا وراءه حياتا مرهقة لاغبة. تآليفه: قد لا يكون مقياسا أول على أنتاجه الفكري، من مؤلفاته الثرية النبيلة الغزيرة، وهي دلالة واضحة وشهادة ناطقة بأنه كان من صميم الحياة العلمية، مؤلفاته من الناحية الكيفية لا الكمية، فأن المعيار الكيفية لما فيها من الاستيعاب والدقة والعمق والأصالة، وبعبارة أخرى فهي بما فيها من تفكير ونحت ومتانة وغور وتتبع وحيوية، دال على أتصاله الواقع العميق بحياته العلمية من جهة، وأدل على خصوبة سليقته ووفور فضله، وغزارة بيانه من جهة أخرى. وبهذا المعيار نتوصل الى علم الرجل وفضله، وخصائص ماكتب وامتياز ما صنف، وهو أمتيار قليل النظير لا يلاحظ في عامة التصانيف، ولذلك كثيرا ما تظهر السطحية على مؤلفات المؤلفين الكثرين الذين لم يكتبو ولم يصنفو إلا لارتفاع وتزايد أعداد كتبهم ومؤلفاتهم، وتصاعد أرقام تصانيفهم، فتمتاز حينئذ بالسطحية والحشو. وما أكثر أمثال هذه التآليف الضحلة، المبتذلة السطحية، والرخيصة السوقية التي لا تنبأ ولا تكشف إلا عن جهل كاتبها، وهزل مؤلفها، وأبتعاد ________________________________________