[ 30 ] ويحسن ان يكون على الانسان ان كان مطيعا لربه أثر ما وهبه من المسكن وأعطاه فيه من الاحسان، كما لو اشترى دارا يحتاج إليه، أو وهبه سلطان مساكن كان مضطرا إليها، أو كما لو بنى هو دارا بالتعب والعناء ومقاساة الذرجارية 1 والبناء، أو يكون مسرورا على أقل الصفات، كما لو حصل له دار عارية أو جارة هو محتاج إليها في تلك الأوقات. فاما ان خلى قلبه بالكلية من معرفة هذه النعم الالهية، فكأنه كالميت الذى لا يحسن بما فيه، أو كالأعمى الذى لا ينظر الى المواهب التى فضله ممن يراعيه، أو كالأصم الذى لا يسمع من يناديه، وليبك على فقدان فوائد فلبه وعقله ويتوب. فصل (15) فيما نذكره مما يختم به ذلك اليوم اعلم ان كل يوم سعيد وفصل جديد ينبغى ان ميكون خاتمته على العبيد، كما لو بسط ملك لعباده بساط ضيافة يليق بارفاده وقدم إليهم موائد اسعاده، ثم جلسوا على فراش اكرامه، فاكلوا ما احتاجوا إليه من طعامه، وقاموا عن البساط ليطوى الى سنة اخرى. فلا يليق بعبد يعرف قدر تلك النعمة الكبرى الا ان يراه سلطانه لا نعامه شاكرا ولاكرامه ذاكرا، ولفضائل مقامه ناشرا، على أفضل العبودية للجلالة الالهية، ويجعل آخر ذلك النهار كل الملاطفة للمظلع على الاسرار، ان يقبل منه ما عمله، ويبلغه من مراحمه ومكارم أمله، ويطيع في طاعته أجله. فانه يوشك إذا اجتهد العبد في لزوم الادب لكل يوم سعيد ان يؤهله الله تعالى للمزيد: (لئن شكرتم لاريدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد.) 2 ________________________________________ 1 - الذرجارية (خ ل)، والمراد العمالة. 2 - ابراهيم: 7. ________________________________________