[ 54 ] قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: في كل جرعة شرقة، ومع كل اكلة غصة. أقول: الجرعة من الماء بالضم حسوة منه، والشرقة من الشرق بفتحتين وهو الشجا والغصة، والاكلة بالضم اللقمة الواحدة، والغصة من الغصص بفتحتين وهو مصدر غصصت بالطعام بالكسر من باب علم. يعنى - ليس في العالم راحة بلا ألم ونعمة (1) بلانقم، بل كل من الحسن والقبيح والكثير والقليل والصلاح والفساد مشتبك ومختلط بالاخر، فان بعض الدرهم هم وآخر الدينار نار، فالدنيا إذا محل اعتبار فاعتبروا يا اولى الابصار. 75 - قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: من كثر فكره في العواقب لم يشجع. أقول: من رام حصول أمر مهم له وأكثر فكره في عاقبة ذلك الامر هل يتيسر بالخير واليسر ولا يعرض له الشر والعسر، يقع الخوف والهيبة في قلبه ولم يجترى للدخول في بابه، فلاجرم يكون محروما عن مرامه، فاللائق ان يجتهد في مطلوبه متوكلا على تقدير الله سبحانه فان كل ما قدره واقع والحذر (2) والامتناع عنه غير نافع، بيت: فقلت: خلوا سبيلى لا ابالكم * فكل ما قدر الرحمن مفعول كل ابن انثى وان طالت سلامته * يوما على آلة حدباء محمول ________________________________________ (1) - في الاصل: " نعم ". (2) - بالاصل: " الخور ". ________________________________________