أنّها أسماء السور، باعتبار أنّها أسماء ألقاب»[480]. لكن يرد عليهما: أنّه كيف جعلت أسامي لتسع وعشرين سورة فحسب، وأمّا باقي السور فخلو عن هذه التسمية الغريبة!! ثمّ ما هي المناسبة لتسمية ستّ سور (الم): البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة. وسبع سور (حم): غافر، فصّلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف ـ عرفت بالحواميم. وخمس سور (الر): يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر. وسورتين (طسم): الشعراء، القصص. وهو من الاشتراك في التسمية لغير ما مبرّر. هذا فضلاً عن كون التسمية ـ هنا ـ توقيفيّة، ولم يرد بذلك نصّ من مهبط الوحي. وللزمخشري نفسه ردّ لطيف على هذا القول، يأتي عند استعراض الوجه التالي. الوجه الثاني الذي ذكره الزمخشري: أن يكون ورود هذه الأسماء هكذا، مسرودة على نمط التعديد[481]; كالإيقاظ وقرع العصا، لمن تُحدِّي بالقرآن وبغرابة نظمه، وكالتحريك للنظر في أنّ هذا المتلوّ عليهم ـ وقد عجزوا عنه عن آخرهم ـ كلام منظوم من عين ما ينظمون منه كلامهم، ليؤدّيهم النظر إلى أن يستيقنوا: أن لم تتساقط مَقْدَرَتُهم دونه، ولم تظهر مَعْجَزَتُهم[482] عن أن يأتوا بمثله بعد المراجعات المتطاولة ـ وهم أمراء الكلام وزعماء الحوار، وهم الحُرّاص على التساجل[483] في اقتضاب الخطب، والمتهالكون على الافتنان في القصيد والرجز ـ ولم يبلغ من الجزالة وحسن النظم، المبالغَ التي بزّت بلاغة كلّ ناطق[484]، وشقّت غبار كلّ سابق، ولم يتجاوز الحدّ الخارج عن قوى الفُصَحاء، ولم يقع وراء مطامح أعين البُصَراء، إلاّ