فلمّا علم البدريّون ألاّ حقّ لهم في شيء من الغنائم، أقبلوا على النبي يقولون نادمين: يا رسول الله، سمعاً وطاعةً! فاصنع ما شئت. فتقبّل منهم، وبيّن الله لهم نهجه في الغنائم: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِن شَيْء فَأَنَّ للهِِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ)[1441]. فصدع محمد بأمر ربّه ... فخمّس الغنيمة أخماساً، وسهّم الأخماس سهماناً، ثم جعل للمجاهدين النصيب الأوفى، فخصّهم بأربعة أخماس، يأكلونها و«يملكونها[1442]»، وقسّمها عليهم بالسويّة، لا إيثار لأحد على آخر، لا تفرقه بين مقاتل وقاعد، لا تمييز لفارس عن راجل ... وجعل الخمس الباقي سهماً سهماً لله ورسوله ولمن ذكرت الآية. قيل: ولم يكن الخُمس مشروعاً يوم بدر[1443]، وإنّما شُرِّع يوم أُحد. * * * ولقد سُئل ابن عباس عن «ذي القربى» الذين ذكر الله ... فأجاب: إنّا كنّا نرى أنّا هم، فأبى ذلك علينا قومنا. فاستفسروه عن سهمهم في الخمس: لمن تراه؟ فقال: هو لقربى رسول الله، قسّمه لهم رسول الله[1444]. والأخبار متواترة عن أئمة أهل البيت في اختصاص الخمس بالله ورسوله،