قال: وإنّ الملك همّ أن يقطع لسانه إذ دخل شمعون، وقد اجتمع الناس، فسلّم، فلمّا نظروا إليه أنكروه، فقال لهم: ما قال هذا المسكين؟ قالوا: يزعم أنّ عيسى عبد الله ورسوله، فقال شمعون: أيّها الملك، أتأذن لي، فأدنو منه، فأسأله؟ قال: نعم، فقال له شمعون: أيّها المبتلى، ما تقول؟ قال: أقول: إنّ عيسى عبد الله ورسوله، قال: فما آيته نعرفه ]بها[؟ قال: يبرِئ الأكمه والأبرص والسقيم، قال: هذا يفعله الأطبّاء، فهل غيره؟ قال: نعم، يخبركم بما تأكلون وما تدخرون، قال: هذا تعرفه الكهنة، قال: فهل غير هذا؟ قال: نعم، يخلق من الطين كهيئة الطير، قال: هذا قد يفعله السحرة يكون أخذه منهم، قال: فجعل يتعجّب الملك منه وسؤاله، فقال: هل غير هذا؟ قال: نعم، يحيي الموتى، قال: أيّها الملك إنّه ذكر أمراً عظيماً، وما أظنّ خلقاً يقدر على ذلك، إلاّ بإذن الله، ولا يقضي الله ذلك على يدي ساحر كذّاب، فإن لم يكن عيسى رسولاً فلا يقدر على ذلك، وما فعل الله ذلك بأحد إلاّ بإبراهيم حين سأله (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى)، ومن مثل إبراهيم خليل الرحمن، فقال الله: أو لم تؤمن؟ قال: بلى.[146] 105 ـ وهب بن منبّه (رضي الله عنه)، قال: جاء رجل من حواري عيسى (عليه السلام) إلى مدينة أصحاب الكهف، فأراد أن يدخلها، فقيل: على بابها صنم، لا يدخلها أحد إلاّ سجد له، فكره أن يدخل، فأتى حمّاماً، فكان فيه قريباً من تلك المدينة، وكان يعمل فيه يؤاجر نفسه من صاحب الحمّام، ورأى صاحب الحمّام في حمّامه البركة والرزق، وجعل يسترسل إليه، وعلقه فتية من أهل المدينة، فجعل يخبرهم عن خبر السماء والأرض وخبر الآخرة حتّى آمنوا به وصدّقوه، وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة، وكان يشترط على صاحب الحمّام أنّ الليل لي، ولا تحول بيني وبين الصلاة إذا حضرت، حتّى أتى ابن الملك بامرأة يدخل بها الحمّام، فعيّره الحواري، فقال: أنت ابن الملك وتدخل مع هذه الكدّاء؟! فاستحيا فذهب، فرجع مرّة أُخرى، فسبّه