إنّ نهضة الحسين (عليه السلام) كانت مصداقاً حقيقياً لوجود مثل هذا العنصر ومثل هذه المواصفات، فقد كان بإمكانه أن يضمن منافعه ومصالحه بالكامل، لكنّه ـ مع ذلك ـ فضّل أن يعرّض حياته وماله وكلّ وجوده للخطر حفاظاً على العالم الإسلامي وإنقاذاً للمسلمين من براثن الظلم والاستبداد. ثانيها: الظروف الخاصّة المحيطة بالنهضة الحسينيّة وعدم التكافؤ بين القوى في الميزان، فنجد في النهضة أعلى مراتب الشهامة والشجاعة ضدّ الأجهزة القمعيّة التي تملكها الدولة. ولا يمكن القول هنا: بأنّ أهل الكوفة كانوا يمثّلون قوّة كافية في الميزان كان الحسين يعتمد عليها كثيراً في حسابات المعركة. في حين أنّ عظمة الحسين ونهضته تتجلّى في الواقع في قيامه وهو وحيد. وما نراه اليوم من أثر باق له ما هو إلاّ بقيّة من آثار تلك الروح العالية التوّاقة للسمو والرفعة التي هزّت أركان العالم آنذاك ولا تزال آثارها باقية حتّى اليوم. ثالثها: درجة الوعي الاجتماعي والرؤية الثاقبة والخبرة والنظرة الحادّة التي يتمتّع بها القائمون على النهضة، فلقد كانت نهضة الحسين حدثاً خارقاً للعادة تلازم مع نظرة عميقة وواعية وإدراك قوي وثاقب وبصيرة مستنيرة بنور بعيد المدى. هذا كلّه فيما يتعلّق بالنقطة الأُولى.