ان كل المشهورات والاجماعيات والضروريات وما تسالم عليه الاصحاب هو أمر يجب إخضاعه من جديد للبحث والتمحيص، لأنه لا أحد يعلم كيف تشكّلت تلك الاجماعات والضرورات والمشهورات، في أي ظروف، وفى أى محيط اجتماعي وثقافى، فلعلّها كانت خاضعة ومتلوّنة بلون تلك الظروف وذلك المحيط، واليوم حيث تغيّرت الظروف، وحيث اصبحنا نعيش محيطاً اجتماعياً وثقافياً آخر فان الواجب علينا هو تجريد تلك النظريات من الاضافات والتلوّنات التي اكتسبتها بفعل ظروفها، وحينئذ ربما خرجنا بنظريات اخري. الأمر الثالث: لا قيمومة على الفكر الإسلامي وتأسيساً على الأمر الأول والثاني ‌سيخرج اصحاب نظرية تعدد القراءات بأمر ثالث وهو أن لا مبرّر لفرض قيّم على الفكر الإسلامي بعد المعصومين (عليهم السلام)، طالما كانت معارف الجميع نسبيّة من ناحية، وخاضعة لتأثيرات العوامل الذاتية والمحيطيّة من ناحية ثانية، وحيث لا توحد ثوابت لا يمكن الجدل فيها من ناحية ‌ثالثة، فما هو المبرّر وما هو الدليل على وجود اشخاص أو أجهزة لها وحدها حق القيمومة والشهادة والاشراف على النتاج الادبي ‌للباحثين عن الفكر الإسلامي. الجميع من حقه ان يبحث، والجميع من حقه أن يعتقد بما يؤدي إليه بحثه، ولا مانع ان تكون رؤى الجميع صحيحة، كل واحد في ‌ظرفه ومحيطه، لان المسأله كما شرحنا هي ‌مسألة نسبيّة، فانت حين تنظر إلى الكرة الارضيّة من خارجها تراها كرويّة دائرية، وحين تنظر إليها وانت على سطحها تراها مسطحة، وكلا الرؤيتين صحيحة. نقد النظرية الحق ان عدداً من المقدمات العلميّة الصحيحة‌اعتمدت عليها نظرية تعدّد القراءات لكن النتائج كانت خاطئة لان عملية الاستنتاج وطريقتها لم تكن علميّة.