ـ(380)ـ العفو والصفح محمولاً بها في غير حال الاعتداء، وبحسب ما تقتضيه السياسة الإسلامية(1). و أمّا الأحاديث مثل: "بُعثت بين يدي الساعة بالسيف.." فيقصد بها بيان أهمية الجهاد للدفاع عن الدعوة، فلو لا الاعتداء ما جاهد المسلمون. وأما حديث: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله.." فالمراد به مشركوا العرب خاصة بإجماع العلماء. و هذه الأحاديث: "جاءت لتدلّل على أن العنف حاجة حيوية للمبادئ التي تريد أن تتحدى وتجابه التحدي، لأن اللَّين إذا أفاد مرّة أو أكثر فإنه لا يحقق نتيجة حاسمة في أكثر الحالات.. أما موضوع علاقته بالدعوة كهدف يحكم حركته، لتكون الدعوة منطلقة من خلال العنف، أو مرتكزة على أساس العنف، فهذا ما لا نجد لـه أثراً في كل مداليلها أساليبها.. حتى في الحديث الأخير الذي كان يتحدث عن الفرق بين ما قبل الهجرة وبين ما بعدها فإنه كان يشير إلى قيمة القوة في ردّ العدوان بمثله أو بأقوى منه، كما في حالة ما بعد الهجرة حيث استطاع الإسلام أن يتقدم ويمارس حريته في الدعوة والإقناع بعيداً عن أيّ ضغط أو تهديد أو إكراه.. فليس في الحديث أيّ إشارة إلى أن نجاح الإسلام في دعوته بعد الهجرة، كان مستنداً إلى تشريعه القتال من أجل الدعوة إلى الله كأسلوب من أساليب إدخال الناس في الإسلام، بل كل ما هناك، أنه أوجد القوة الرادعة للعدوان ومضى يمارس الدعوة بأسلوبه الخاص المرتكز على الحكمة والموعظة الحسنة"(2). $$$ ثانياً ـ رأي آخر يذهب إلى أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو السِّلم أمّا الحرب فتحتاج إلى مجوّز شرعي. ___________________________ 1 ـ انظر كتاب: الجهاد وحالاته المشروعة في القرآن للشهيد المطهري ـ بتصرف ص 38 وما بعدها. 2 ـ الإسلام ومنطق القوة ـ مصدر سابق ـ ص 203 ـ 204.